نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 60
سَللن بأيدي المشركين قواضباً ... سُتغْمد منهم في الطُلا والجماجم (1)
يكاد لهن المستجنُّ بطيبة ... ينادي، بأعلى الصوت، يا آل هاشم
وفي هذه الأبيات يصور شراسة المعارك التي وقعت بين المسلمين وأعدائهم من الفرنجة، فقد أُبيحت فيها دماء كثير من المسلمين ولقد اقتحم فيها على النساء خدورهن وما وجدن ما يدفعن به عن أجسامهن المصونة غير معاصمهن المشتبكة حياءً وخوفاً، وقد اشتدت هذه الحروب واستحّر فيها القتل حتى بدت أسنَّة السيوف والرماح حمراء لاهبة، وحتى أن الصبيان ربما يظهر في شعرهم الشيب لما فيها من هول الطعن والضرب ثم يعود لتنبيه المتخلفين بأنهم سوف يندمون على تخلفهم عن الاشتراك في هذه الحروب، التي يعود ليتحدث عن أخطارها فيهّون من شأن الأعداء وأسلحتهم فما استلّوه من سيوف قاطعة تعود إلى نحورهم وجماجمهم. وفي آخر الآبيات يؤكد فظاعة هذه الحروب بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، في ضريحه الطاهر في المدينة المنورة يستنجد على الأعداء، بالعرب والمسلمين وليس بآل هاشم فحسب [2].
أرى أمتي لا يشرعون إلى العدا ... رماحهم، والدين واهي الدعائم
ويجتنبون النار خوفاً من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... ويغفي على ذلَّ كماة الأعاجم ([3])؟
فليتهم إذ لم يذودوا حمية ... عن الدين، ضنوا غيرة بالمحارم
وإن زهدوا في الأجر، إذ حمي الوغى ... فهلاً أتوه رغبة في الغنائم؟
ويرى الشاعر قعود بعض بني قومه عن الجهاد فيتألم لذلك ألماً يصور معه واقعهم المتخاذل عن نصرة دينهم الذي يحاول الأعداء إضعافه، جبناً وخوفاً وغفلة عما يلحق بهم من العار في حالة الهزيمة، ويعجب لشجعان المسلمين، من عرب ومن عجم، كيف يقبلون بهذا كله ثم يقلب لهم أسباب الدفاع عن الدين وعن البيضة تقليباً منطقياً، فيه الألم الذي يعصر قلبه، والتبكيت الذي يهز أحاسيسهم من الأعماق، فيطالبهم بالدفاع عن الدين أولاً فإن لم ينهضوا له فليحموا محارمهم من النساء والبلدان والعقار، وهذا أضعف الإيمان، أن يهتموا بالدنيا وعَرضَها من غنائم وأسلاب إن فقدوا الثأر للدين والخروج للجهاد ونيل الشهادة!!. وفي نهاية القصيدة يبلغ به الألم مبلغاً أشد فعلاً وتأثيراً، فيكشف لهم عن مستقبل أيامهم وما يلاقون فيه من إذلال وصغار في أيام أبنائهم الوارثين للخنوع إن قبلوا باحتلال
(1) المصدر نفسه ص 26. [2] العنديد: المقاتل الشديد، والكماة: جمع كمي، وهو لابس السلاح. [3] المصدر نفسه ص 26.
نام کتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 60