نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 326
[1] - أبو الحسن الأشعري يشرح عقيدته التي يدين بها: فيقول: وقولنا الذي نقول به، وديانتنا التي نَدين بها، التمسك بكتاب ربنا عز وجل، وبسنة نبينا عليه السلام، وما رُوي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - نضر الله وجهه، ورفع درجته، وأجزل مثوبته - قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق، ورفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشَكَّ الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مُقَدَّم، وخليل معظم مضخم. ولم تقتصر خدمة الأشعري على تأييد عقائد أهل السنة والسلف تأييداً إجمالياً، فقد كان الحنابلة والمحدثون قائمين به غير مقصَّرين فيه، إن عبقريته تتجلى في أنه أقام البراهين والدلائل العقلية والكلامية على هذه العقائد، وناقش المعتزلة والمتفلسفة عقيدة عقيدة، وذلك كله في لغة يفهمونها، وأسلوب يألفونه ويُجلونه, وبذلك أثبت أن هذا الدين وعقيدته الواضحة مؤيَّدان بالعقل، وأن العقل الصحيح يؤيد الدين الصريح، ولا صراع بينهما [1] ولا تناقض.
2 - مصدر العقيدة عن أبي الحسن الأشعري: كان الأشعري مؤمناً بأن مصدر العقيدة والمسائل التي تتصل بالإلهيات وما وراء الطبيعية هو الكتاب والسنة وما جاء به الأنبياء, وليس العقل المجرد والمقياس والميتافيزيقا اليونانية، ولكنه لم يكن يرى السكوت والإعراض عن المباحث التي حدثت بتطورات الزمان، واختلاط هذه الأمة بالأمم والديانات والفلسفات الأجنبية، حتى تكونت على أساسها فرق ونحل، وكان يرى أن السكوت عن هذه المباحث يضر بالإسلام، ويُفقد مهابة السنة ويحمل على ذلك ضعف السنة العلمي والعقلي، وعجز علماء الدين وممثليه عن مواجهة هذه التيارات ومقاومة هذه الهجمات، ويهَتبلهُ أهل الفرق الضالة، فينفذون في أهل السنة والعقيدة الصحيحة، فينفُثون سمومَهم فيهم، ويزرعون الشكوك، ويستميلون شبابهم الذكي المثقف إلى أنفسهم، وكان الأشعري مؤمناً بأن مصدر العقيدة هو الوحي والنبوة المحمدية، والطريق إلى معرفته هو الكتاب والسنة وما ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم، وهذا مُفترق الطريق بينه وبين المعتزلة، فإنه يتجه في ذلك اتجاهاً معارضاً لاتجاه المعتزلة، ولكنه رغم ذلك يعتقد مخلصاً أن الدفاع عن هذه العقيدة السليمة، وغَرسها في قلب الجيل الإسلامي الجديد، يحتاج إلى الحديث بلغة العصر العلمية السائدة، واستعمال المصطلحات العلمية، ومناقشة المعارضين بأسلوبهم العقلي، ولم يكن يسوغ ذلك، بل يَعدُّه أفضل الجهاد وأعظم القربات في ذلك العصر، وهذا مفترق الطرق بينه [1] رجال الفكر والدعوة في الإسلام، ص 5.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 326