نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 329
وطريقة الحديث بالجدل والبرهان وبالحضرة رءوس المعتزلة والرافضة والقدريَّة وألوان البدع، ولهم دولة وظهور بالدولة البويهية، وكان يردُّ على الكرّامية، وينصر الحنابلة عليهم، وبينه وبين أهل الحديث عامِرٌ، وإن كانوا قد يختلفون في مسائل دقيقة فلهذا عامله الدارقطني بالاحترام، وقد ألف كتاباً سمَّاه الإبانة، يقول فيه: فإن قيل: فما الدليل على أن لله وجهاً ويداً؟ قال: قوله {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وقوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] فأثبت تعالى لنفسه وجهاً ويداً. إلى أن قال: فإن قيل: فهل تقولون: إنَّه في كل مكان؟ قيل: معاذ الله، بل هو مستوٍ على عرشه كما أخبر في كتابه. إلى أن قال: وصفات ذاته التي لم يزل ولا يزال موصوفاً بها: الحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والإرادة والوجه واليدان والعينان والغضب والرضا. فهذا نصّ كلامه [1]. وقال نحوه في كتاب «التمهيد» له, وفي كتاب «الذَّبَّ عن الأشعريَّ». وقال: قد بَيَّنَّا دين الأمة وأهل السنة أن هذه الصفات تمر كما جاءت بغير تكييف ولا تحديد ولا تجنيس ولا تصوير [2]. قال الذهبي: فهذا المنهج هو طريقة السلف، وهو الذي أوضحه أبو الحسن وأصحابه، وهو التسليم لنصوص الكتاب والسُّنَّة، وبه قال ابن الباقلاني وابن فورك، والكبار إلى زمن أبي المعالي، ثم زمن الشيخ أبي حامد - يقصد الغزالي - فوقع اختلاف وألوان نسأل الله العفو [3].
ومن الدروس المستفادة معاملة الدارقطبي للباقلاني، وأهمية وجود الأذكياء المناظرين لمنهج أهل السنة المستوعبين لشبهات وحجج المخالفين والذين يملكون القدرات الكافية عقلاً وفصاحة وتأليفاً وعلماً والنية الصادقة للدفاع عن دين الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , ولا يخلو عصر من أهل الضلال, ولابد من وجود أهل الحق المدافعين عن عقيدة الأمة, ولا بد من إعطاء من يقوم بهذا الدور قدره من الاحترام والتقدير والمحبة والنصرة لكونهم على ثغر كبير يحتاج من يسده. وقد مات الإمام أبو بكر الباقلاني عام 403هـ وصلى عليه ابنه حسن وكانت جنازته مشهودة وكان سيفاً على المعتزلة والرافضة والمشبهة وغالب قواعده على السنة، وقد أمر شيخ الحنابلة أبو الفضل التميميُّ منادياً يقول بين يدي جنازته: هذا ناصر السنة والدين والذابّ عن الشريعة [4].
5 - اتجاهات أهل السنة في بداية القرن الرابع: بعد ظهور أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي في بداية القرن الرابع صار أهل السنة على اتجاهين, الأول: التمسك بظاهر النصوص الشرعية وذلك في إثبات معاني الصفات مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين، وقد سُمي هؤلاء أهل الحديث ثم غلبت عليهم التسمية بالحنابلة. [1] سير أعلام النبلاء (17/ 559). [2] سير أعلام النبلاء (17/ 559). [3] سير أعلام النبلاء (17/ 559). [4] المصدر نفسه (17/ 193).
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 329