responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 457
التبشير بالحروب الصليبية والدعاية لها إنما كانوا يعدون بالمئات والآلاف [1] , وقد تأثر الناس بهؤلاء الوعاظ.
ويصف المؤرخ بودري بوصفه معاصراً لأحداث هذه الفترة الزمنية أن بعض العامة من المسيحيين كانوا يرسمون على صدورهم علامة الصليب بواسطة الحديد المحمي على النار ليتباهوا بإظهار حماسهم وليوهموا الآخرين بأن هذه العلامات إنما جاءتهم عن طريق معجزة [2]. وهكذا انطلق الجميع يتجهزون للذهاب للأراضي المقدسة بالشام بعد تلك الكلمات التي سمعوها، وكان معظمهم يبيعون ما يملكون ليجهزوا أنفسهم للرحيل طمعاً في محو ذنوبهم ورضاء الله عنهم, وكان الآباء سعداء برؤية أولادهم يرحلون، كما كانت الزوجات في غاية الفرح لدى رؤيتهن لأزواجهن وهم يتأهبون للرحيل، فحماس الجميع كان منقطع النظير، واقتناعهم بهذا العمل كان شديداً [3]، وعلى قدر الفرحة الكبيرة التي شعر بها أولئك الذين غادروا بلادهم للالتحاق بالحملة الصليبية الأولى كان الأسى والحزن يخيم على أولئك الذين لم يخرجوا في تلك الحملة [4].
- غفلة المسلمين عما يدبر لهم: كانت الدولة الإسلامية في العهد الأموي مثلاً لها جهاز استخبارات اخترق البلاط البيزنطي, وقد بينت ذلك في كتابي عن الدولة الأموية, وأما بالنسبة لعهد الدولة العباسية فإننا لم نعثر في المصادر الإسلامية على أية خطبة حماسية لأي من الخليفتين العباسي أو الفاطمي كرد فعل على خطبة البابا أوربان الثاني أو على الأقل نشعر من أن المسلمين علموا بما جرى في مؤتمر كليرمونت. ولعل السبب في ذلك يرجع إلى انشغال كل من الدولتين العباسية والفاطمية بالتنازع فيما بينهما ومحاولة كل منهما التغلب على الأخرى لتكون لها السيادة، فظلوا في سبات عميق حتى وصلت الحملة الصليبية الأولى بالفعل إلى بلاد الشام [5]، ولعل ما يؤكد هذا ما جاء في كتابات ابن القلانسي من أن أخبار الصليبيين لم تصل للمسلمين في بلاد الشام إلا في سنة 490هـ/1097م، فيقول في ذلك: وتواصلت الأخبار بهذه النوبة المستبشعة في حق الإسلام فعظم القلق وزاد الخوف والفرق [6]، ومع ذلك فإن رد الفعل الإسلامي الوحيد الذي ظهر قبيل وصول الحملة الصليبية الأولى في بلاد الشام، كان من جهة السلاجقة في آسيا الصغرى عندما استطاعوا القضاء بكل سهولة على القسم الأول من القوات الصليبية المعروفة باسم «حملة العامة» فضلاً عما قاموا به من عمليات دفاعية عن ممتلكاتهم في آسيا الصغرى [7]، كما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى.

[1] دراسات في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب، ص 21.
[2] دور الفقهاء والعلماء، ص 240.
[3] دور الفقهاء والعلماء، ص 240.
[4] دور الفقهاء والعلماء، ص 240.
[5] المصدر نفسه، ص 241.
[6] المصدر نفسه، ص 241.
[7] المصدر نفسه، ص 241.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 457
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست