نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 534
ابتداء دولة الإفرنج واشتداد أمرهم وخروجهم إلى بلاد الإسلام، واستيلائهم على بعضها سنة ثمان وسبعين وأربعمائة, فملكوا مدينة طليطلة، وغيرها من بلاد الأندلس .. ثم قصدوا سنة أربع وثمانية وأربعمائة جزيرة صقلية وملكوها .. فلما كانت سنة تسعين وأربعمائة خرجوا إلى بلاد الشام [1]. وأدرك أن ضعف العالم الإسلامي، وتشرذمه وتجزئته هو العامل الرئيسي وراء نجاح الغزو الصليبي في المشرق أو المغرب الإسلاميين وليس قوة الصليبيين أنفسهم. وركز على التجزئة السياسية لبلاد الشام بصورة خاصة، لأنه عاش وأحس بالمعاناة هناك، وتثاقل السكان عن جهادهم ([2])،
وذكّر السلمي المسلمين بفكرة استمرارية الجهاد سواء في الحرب أو السلم كجزء من سياسة عامة يجب على الأمراء والخلفاء المسلمين القيام بها كشرط أساسي للمواجهة الناجحة، ففي كل عام يجب على الأمير المسلم القيام بحملة خارج ديار الإسلام لا لطمع، أو لغنيمة يبتغيها، وإنما للمحافظة على دار الإسلام من عدوان غير المسلمين، وإشعارهم بالرهبة وقوة المسلمين بالاستمرار تجسيداً للرأي القائل في العصر الحاضر بضرورة نقل المعارك إلى أرض العدو دوماً [3]، وذكر السلمي الأمراء المسلمين بأن ذلك الغزو لم يكن هدفه الأرض والعقيدة فقط وإنما هدفه هو إزالتهم من سلطانهم، وإخراجهم من البلاد التي تحت أيديهم، وذلك بهدف إثارة حميتهم، وحثهم على الجهاد [4]، وطلب من عامة الناس مساندة أمرائهم وقادتهم المجاهدين الذين يتبعون السلف الصالح لمواجهة تلك المحنة، وطرد الصليبيين [5].
والقارئ لكتاب السلمى في الجهاد يدرك مباشرة عمق المعاناة التي كان يعانيها السلمي وهو الفقيه الذي يرى بيت المقدس تنتهك حرمته، وتداس قدسيته، ولذلك أول ما حث عليه هو تخليص بيت المقدس من أيدي أولئك الغزاة [6]: فاجتهدوا -رحمكم الله- في هذا الجهاد لعلكم تكونوا الظافرين بمزية هذا الفتح العظيم [7]، ويعتبر السلمي أول من أدرك ضرورة الوحدة الجهادية بين بلاد الشام والعراق، ومدن آسيا الصغرى، قبل عصر الوحدة الإسلامية ضد الصليبيين بقيادة آل زنكي والأيوبيين [8] , ويعتبر في هذا المجال من الرّواد؛ ودعا السلمي المسلمين إلى تطهير النفوس وإصلاحها، فهي في الأساس وحدة إسلامية لعقد العزم والإصرار على مجاهدة ذلك الغزو: وقدموا جهاد أنفسكم على جهاد أعدائكم فإن النفوس أعدى لكم منهم، وأردعوها عما [1] الكامل في التاريخ (8/ 397). [2] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 94. [3] المصدر نفسه، ص 95. [4] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 95. [5] المصدر نفسه، ص 96. [6] المصدر نفسه، ص 97. [7] المصدر نفسه، ص 97. [8] المصدر نفسه، ص 97.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 534