نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 542
يقلب لهم أسباب هذا الصمود وعوامله فيطالبهم بأن يتذكروا أولاً، ثواب الله في الآخرة عليه، فإن تناسوا هذه، فيطالبهم بأن يذبوا عن محارمهم على الأقل وربما كان هذا الشعور الديني في القصيدة البائية أكثر بروزاً ووضوحاً من سابقتها، فمنذ الكلمة الأولى يطلعنا الشاعر على أن الضيم قد حل أولاً بالإسلام، ثم أخذ يعدد ألوان هذا الضيم المتعددة مهتماً بما حدث للمساجد من تحويل إلى أديرة، وبما ارتفع على محاريبها من صلبان، ومما أخذ يفوح فيها من رائحة لحم الخنزير أو المصاحف المحروقة، وإنه ليربط ربطاً محكماً بين ما يكاد يقشعر له شعر رأسه من سبي النساء وبين العيش الهنيء للمسلمين المتخلفين عن الجهاد، ويتجمع الحسّ الإسلامي عند هذا الشاعر المؤمن المجاهد، فيصرخ في وجه القعدة المتخاذلين صرخة تهز أعماقهم أما لله والإسلام حق؟ إن هذا هو الأساس الثابت وراء هذا الأدب الإسلامي الملتزم بقضايا الأمة وهمومها؛ إن كل الحروب بما فيها رد للغزو أو نفير للجهاد: أجيبوا الله ويحكم أجيبوا»، والويل والثبور لمن يتخلف عن تلبية نداء هذا الداعي.
أما مكانة القدس في قلوب المسلمين في ذلك العهد وفي كل عهد فهي مما يكمل هذا الشعور ويؤكد عليه؛ فبعد الانتصار على حاكم مملكة أنطاكية النصراني، وبعد فتح مصر ثم توحيدها مع الشام تحت القبضة الإسلامية، وبعد فتح حلب، بعد هذا كله لم يكن النداء التالي إلا الشروع في العمل لتخليص القدس والمسجد الأقصى من أسر المشركين وتطهيره من مظاهر الشرك والدنس [1].
الشعور الاجتماعي: ويتبع الإحساس بما حاق بالدين إحساس بالهوان الذي ألم بالمسلمين أنفسهم «تسومهم الروم الهوان» , وهم إما على صهوات الخيل وإما في بطون طيور الجو، وكم من دماء قد أبيحت، فحقٌ ضائع وحمى مباح «وكم من مسلم أمسى سليباً» , وإنه شعور بالضياع والهزيمة أمام هذه الزحوف الغازية في حالة تقاعس بعض المسلمين عن شد أزر بعض في ساعات العسرة.
أرى أمتى لا يشرعون إلى العدا ... رماحهم والدين واهي الدعائم
ومما يثقل كاهل الإنسان المسلم، الذي يعيش هذه الآلام، ما يحيق بنساء المسلمين في المجتمع الإسلامي، من سبي وقهر واغتصاب, فما عسى النساء الجميلات أن يدفعن عن أنفسهن إذا دُخلت عليهنَّ خدورهن من أقطارها؟ وما عسى المعاصم النسائية التي تشابكت لتواري النفس من الخجل ولئلا تقع عيون علوج الأعداء المهاجمين في عيونهم, ما عساها أن [1] نصوص من أدب عصر الحروب الصليبية، ص 32.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 542