نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 91
خادمه محفة لم يُر مثلها حُسناً وقال الوزير لتركان خاتون: سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين يقول: {إِنَّ اللهَ يَأمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58] وقد أذن في نقل الوديعة إلى داره، فأجابت بالسمع والطاعة، وحضر نظام الملك ومن دونه من أعيان دولة السلطان وكل منهم معه من الشمع والمشاعل الكثير، وجاء نساء الأمراء الكبار ومن دونهم كل واحدة منهن منفردة في جماعتها وتجمّلها وبين أيديهن الشمع والموكبيات والمشاعل يحمل ذلك جميعه الفرسان ثم جاءت الخاتون ابنة السلطان، بعد الجميع في محفة مجللة، عليها من الذهب والجواهر أكثر شيء وقد أحاط بالمحفّة مائتا جارية من الأتراك بالمراكب العجيبة وسارت إلى دار الخلافة وكانت ليلة مشهودة لم يُر ببغداد مثلها [1].
ثالثاً: الاستقرار السلجوقي في بلاد الشام: بذل السلاجقة جهوداً كبيرة للسيطرة على بلاد الشام، وبعد أن ثبَّت ملكشاه أقدامه في الحكم واطمأن على سلطنته التفت إلى بلاد الشام، وأحيا مشروع أبيه السلطان ألب أرسلان بغزو هذه البلاد وضم مصر إليها والقضاء على الدولة الفاطمية، فاختار أن يولي على هذه الجبهة البعيدة أميراً سلجوقياً ويشغله في نفس الوقت عن التفكير بالشغب عليه أو منافسته، ويؤمَّن الإقطاع لقسم كبير من الجيش السلجوقي المتزايد، وكان تتش قد اختص بمجموعة من المماليك الذين يتولون تربيته وتدريبه وشنّ الحملات باسمه والدفاع عنه، على عادة السلاجقة، لأنه كان لا يزال فتى، وسرعان ما انتشرت الأخبار بما عزم السلطان عليه وبلغت مسامع أتسز الخوارزمي صاحب بلاد الشام، فكتب للسلطان يشرح له ما بذله من جهد في خدمة الدولة السلجوقية، وأنه ما يزال الخادم المطيع، ووعده بدفع مبلغ ثلاثين ألف دينار في السنة مقابل إبقائه حاكماً على بلاد الشام [2]، وأصرّ ملكشاه على تنفيذ مشروعه فولى أخاه تاج الدولة تتش حكم بلاد الشام وما يفتحه في تلك النواحي، كما أشرنا، وأمره بالمسير إليها، وكتب إلى القوى المتمركزة في إقليم الجزيرة وبلاد الشام بالانضمام إليه ومساعدته كان من بينهم مسلم بن قريش العقيلي أمير الموصل ووثاب بن محمود، وزعماء القوى التركية، غير أن هذه النجدة لم تصل إلى حلب وتشتتَّ قبل ذلك، حيث قضى عليها سابق حاكم حلب بالتعاون مع مسلم بن قريش في وادي بزاعة، فتحرّج موقف تُتُش نتيجة ذلك، وما إن ابتعدت قواته عن أسوار حلب وهي تطارد البدو حتى خرجت القوات الحلبية من وراء الأسوار وهاجمت معسكراته وغنمت ما كان فيها ([3])،
ويبدو أنه لم يحقق أي نجاح في مطاردته للعرب، عندما علم بنهب معسكراته، قرّر عبور [1] الكامل في التاريخ (6/ 308، 309). [2] تاريخ السلاجقة في بلاد الشام، ص 125. [3] المصدر نفسه، ص 128.
نام کتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 91