نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 226
ومضموما في خيط، وقد اتفقت كلمة الأمة اتفاقا تاما على أن ما في تلك الصحف هو القرآن كما تلقته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في آخر عرضة على أمين الوحي جبريل عليه السلام، وأن تلك الصحف ظلت في رعاية الخليفة الأول أبي بكر الصديق، ثم انتقلت بعده إلى رعاية الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ثم لما عرف عمر حضور أجله ولم يولِّ عهده أحدًا معينا في خلافة المسلمين، وإنما جعل الأمر شورى في الرهط المصطفين بالرضا من رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أوصى بحفظ الصحف عند ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، وأن عثمان اعتمد في جمعه على تلك الصحف، وعنها نقل مصحفه (الرسمي)، وأنه أمر أربعة من أشهر قراء الصحابة إتقانا لحفظ القرآن ووعيا لحروفه وأداء لقراءته وفهما لإعرابه ولغته: ثلاثة قرشيين وواحدا أنصاريا، وهو زيد بن ثابت صاحب الجمع الأول في عهد الصديق بإشارة الفاروق، وفي بعض الروايات أن الذين أمرهم عثمان أن يكتبوا من الصحف اثنا عشر رجلا، فيهم أبي بن كعب، وآخرون من قريش والأنصار [1].
ج- ونأخذ من هذا أن الفتوحات في عهد عثمان كانت بإذن وأمر من الخليفة، وأن القرار العسكري يصدر من المدينة، وأن الولايات الإسلامية كلها كانت خاضعة لأمر الخليفة عثمان في عهده؛ بل يدل على أن هناك إجماعا من الصحابة والتابعين في جميع الأقاليم على خلافة عثمان. وقدوم حذيفة بن اليمان إلى المدينة، لرفع اختلاف الناس في قراءة القرآن، يدل على أن القضايا الشرعية الكبرى كان يستشار فيها الخليفة في المدينة، وأن المدينة ما زالت دار السنة ومجمع فقهاء الصحابة [2]. ثانيًا: استشارة جمهور الصحابة في جمع عثمان:
جمع عثمان - رضي الله عنه - المهاجرين والأنصار وشاورهم في الأمر، وفيهم أعيان الأمة وأعلام الأئمة وعلماء الصحابة، وفي طليعتهم علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وعرض عثمان - رضي الله عنه - هذه المعضلة على صفوة الأمة وقادتها الهادين المهديين، ودارسهم أمرها ودارسوه، وناقشهم فيها وناقشوه، حتى عرف رأيهم وعرفوا رأيه، فأجابوه إلى رأيه في صراحة لا تجعل للريب إلى قلوب المؤمنين سبيلا، وظهر للناس في [1] عثمان بن عفان، صادق عرجون، ص171. [2] المدينة النبوية فجر الإسلام والعصر الراشدي (2/ 244).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 226