responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 349
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولزوم الجماعة وكراهة الفرقة، وأن توقروا أئمتكم، وتدلوهم على كل حسن ما قدرتم، وتعظوهم في لين ولطف في شيء إن كان منهم. قال صعصعة: فإنا نأمرك أن تعتزل عملك، فإن من المسلمين من هو أحق به منك. قال معاوية: من هو؟ قالوا: من كان أبوه أحسن قدما من أبيك، وهو بنفسه أحسن قدما منك في الإسلام. قال معاوية: والله إن لي في الإسلام قدما، ولغيري كان أحسن قدما مني، ولكنه ليس في زماني أحد أقوى على ما أنا فيه مني، ولقد رأى ذلك عمر ابن الخطاب، فلو كان غيري أقوى مني لم يكن لي عند عمر هوادة ولا لغيري، ولم أحدث من الحدث ما ينبغي لي أن أعتزل عملي، ولو رأى ذلك أمير المؤمنين وجماعة المسلمين لكتب بخط يده فاعتزلت عمله، ولو قضى الله أن يفعل ذلك لرجوت أن لا يعزم له على ذلك إلا هو خير. فمهلا فإن في ذلك وأشباهه ما يتمنى الشيطان ويأمر، ولعمري لو كانت الأمور تقضى على رأيكم وأمانيكم ما استقامت الأمور لأهل الإسلام يوما ولا ليلة، ولكن الله يقضيها ويدبرها وهو بالغ أمره، فعاودوا الخير وقولوه.
قالوا: لست لذلك أهلا، قال معاوية: أما والله إن لله سطوات ونقمات، وإني لخائف عليكم أن تتابعوا في مطاوعة الشيطان حتى تُحلَّكم مطاوعة الشيطان ومعصية الرحمن دار الهوان من نقم الله في عاجل الأمر والخزي الدائم في الآجل، فوثبوا عليه فأخذوا بلحيته ورأسه فقال: مه، إن هذه ليست بأرض الكوفة، والله لو رأى أهل الشام ما صنعتم بي وأنا إمامهم ما ملكت أن أنهاهم عنكم حتى يقتلوكم، فلعمري إن صنيعكم ليشبه بعضه بعضا، ثم قام من عندهم فقال: والله لا أدخل عليكم مدخلا ما بقيت [1].
هذه المحاولة الأخيرة التي بذل فيها معاوية أمير الشام كل جهده، واستعمل حلمه وثقافته وأعصابه كي يثنيهم عن الفتنة، إنه يدعوهم إلى تقوى الله وطاعته، والاستمساك بالجماعة والابتعاد عن الفرقة، وإذا بهم يرفعون عقيرتهم قائلين: ليس لك أن تطاع في معصية الله [2]. وبحلمه الكبير، وصدره الواسع عاد فذكرهم بأنه لا يأمرهم إلا بطاعة الله، وعلى حد زعمهم فهو يتوب من المعصية إن وقعت، ثم يعود لدعوتهم إلى الطاعة والجماعة والابتعاد عن تفريق كلمة الأمة، ولو كان الوعظ يجدي معهم لأمكن أن تتأثر قلوبهم لهذه المعاملة، وهذا اللطف وهذا الحلم، لكنهم اعتبروا ذلك ضعفا وتهاونا منه؛ خاصة وهو يوجههم إلى أن يستعملوا الأسلوب الهادئ في العظة واللين في النصح، فوجدوا المجال رحبا أن يكشفوا عن مكنون قلوبهم.

[1] تاريخ الطبري (5/ 330، 331).
[2] المصدر نفسه (5/ 330).
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 349
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست