نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 361
الأمصار أنفسهم ليواجهوا الناس عندما يرفعون مظالمهم -إن وجدت- ثم ليسألهم أمير المؤمنين عما يتناقله الناس، وليشيروا عليه بالرأي الناصح السديد الرشيد [1].
ثالثًا: مشورة عثمان لولاة الأمصار:
بعث عثمان - رضي الله عنه - إلى ولاة الأمصار واستدعاهم على عجل؛ عبد الله بن عامر، ومعاوية ابن أبي سفيان، وعبد الله بن سعد، وأدخل معهم في المشورة سعيد بن العاص، وعمرو بن العاص -وهم من الولاة السابقين-، وكانت جلسة مغلقة وخطيرة جرت فيها الأبحاث التالية التي تقرر خطة العمل الجديدة على ضوء الأخبار المتناهية إلى المدينة عاصمة دولة الإسلام [2]. قال عثمان: ويحكم ما هذه الشكاية؟ وما هذه الإذاعة؟ إني والله لخائف أن يكون مصدوقا عليكم وما يعصب [3] هذا إلا بي، فقالوا له: ألم تبعث؟ ألم يرجع إليك الخبر عن القوم؟ ألم يرجعوا ولم يشافههم أحد بشيء؟ لا والله ما صدقوا ولا بروا، ولا نعلم لهذا الأمر أصلا، وما كنت لتأخذ به أحد فيضمنك على شيء، وما هي إلا إذاعة لا يحل الأخذ بها، ولا الانتهاء إليها. قال: فأشيروا عليَّ، فقال سعيد بن العاص: هذا أمر مصنوع يصنع في السر، فيلقى به غير ذي معرفة، فيخبر به فيتحدث به في مجالسهم، قال: فما دواء ذلك؟ قال: طلب هؤلاء القوم، ثم قتل هؤلاء الذين يخرج هذا من عندهم.
وقال عبد الله بن سعد: خذ من الناس الذي عليهم إذا أعطيتهم الذي لهم، فإنه خير من أن تدعهم. قال معاوية: قد وليتني فوليت قوما لا يأتيك عنهم إلا الخير، والرجلان أعلم بناحيتهما، قال: فما الرأي؟ قال: حسن الأدب، قال: فما ترى يا عمرو؟ قال: أرى أنك قد لنت لهم، وتراضيت عنهم، وزدتهم عما كان يصنع عمر، فأرى أن تلزم طريقة صاحبك فتشد في موضع الشدة, وتلين في موضع اللين، إن الشدة تنبغي لمن لا يألو الناس شرا، واللين لمن يخلف الناس بالنصح، وقد فرشتهما جميعا اللين. وقام عثمان فحمد الله وأثنى عليه وقال: كل ما أشرتم به عليَّ قد سمعت، ولكل أمر باب يؤتى منه، إن هذا الأمر الذي يخاف على هذه الأمة كائن، وإن بابه الذي يغلق عليه فيكفكف به اللين والمؤاتاة والمتابعة، إلا في حدود الله تعالى ذكره، التي لا يستطيع أحد أن يبادي [1] عثمان بن عفان .. الخليفة الشاكر الصابر، ص212. [2] معاوية بن أبي سفيان، ص126. [3] يعصب بي: يناط بي.
نام کتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 361