responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 111
ولكن أهل الأندلس بدأوا باعتناق مذهب الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المدينة المنورة، المتوفى سنة 179هـ/795 م، وذلك منذ أيام الأمير هشام بن عبد الرحمن. وقد انتقلت الفتوى تبعاً لذلك إلى رأي مالك بن أنس، وانتشر علمه ورأيه في قرطبة والأندلس جميعاً، بل في شمال أفريقيا أيضاً. وقد وضع الإمام مالك في المدينة كتاباً في الفقه والحديث سماه (الموطأ) أي السهل الواضح. ثم ذاع صيت هذا الإمام، وانتشر كتابه في العالم الإسلامي، وأقبل الأندلسيون على اعتناق مذهبه. أما كيفية وصول هذا المذهب إلى الأندلس، فترجع إلى جهود بعض الفقهاء ورجال العلم الذين كانوا يرحلون إلى الحج في الحجاز، وهناك يلتقون بالإمام مالك، ويأخذون عنه علمه ومذهبه. وعندما رجع هؤلاء إلى بلدهم وصفوا فضل مالك وسعة علمه وجلالة قدره، فانتشر رأيه وعلمه بالأندلس. وكان رائد هذه الجماعة رجل يدعى زياد بن عبد الرحمن ابن زياد اللخمي المعروف بـ (شبطون)، توفي في حدود سنة 204 هـ/819 م، وهو الذي كان فقيه الأندلس على مذهب مالك، وهو أول من أدخل موطأ مالك إلى الأندلس، وأخذ عنه تلميذه يحيى بن يحيى الليثي [15]. وكان هذا الأخير المتوفى سنة 234 هـ/848 م يلقب بعاقل الأندلس، ويروى أن الإمام مالك هو الذي لقبه بهذا اللقب. فقد ارتحل يحيى إلى المدينة ولازم الإمام مالك للدراسة، فبينما هو عنده في مجلسه، مر فيل في شوارع المدينة، فخرج جميع الطلبة لمشاهدته، وبقى يحيى بن يحيى في مكانه لم يخرج، فقال له الإمام مالك: " ما لك لم تخرج لتنظر الفيل وهو لا يكون في بلادك؟ فقال له: لم أرحل لأبصر الفيل، وإنما رحلت لأشاهدك وأتعلم من علمك وهديك. فأعجبه ذلك منه، وسماه عاقل الأندلس " [16].
أما على الصعيد الرسمي، فقد استهوى مذهب مالك، كما يُروى، الأمير هشام بن عبد الرحمن الذي نقل إليه بعض الأندلسيين ثناء وإعجاب مالك بن أنس به ومدحه له بقوله: نسأل الله أن يزين موسمنا به، أو نسأل الله أن يزين حرمنا بملككم. ولهذا فقد حمل هشام الناس على مذهب الإمام مالك، وترك مذهب الأوزاعي [17]. وبطبيعة الحال، لا يمكن لمذهب من المذاهب أن ينتشر في بلد ما لمجرد الإعجاب المتبادل بين إمام المذهب وأمير البلد، ولا بد أن تكون هناك عوامل أخرى سياسية واجتماعية ونفسية ساعدت على انتشار مذهب الإمام مالك في الأندلس.

[15] المصدر نفسه، قسم 1، ص 154 - 155 رقم (458)؛ المقري: 2/ 45 - 46، 3/ 230.
[16] الحميدي، جذوة المقتبس، ص 382 - 383، رقم (909)؛ المقري: 2/ 9.
[17] انظر: ابن القوطية، ص 43؛ أخبار مجموعة، ص 120؛ المقري: 3/ 230.
نام کتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 1  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست