responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 3  صفحه : 523
ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاسِ أُمَّةٌ أَصْغَرُ عِنْدَنَا أَمْرًا مِنْكُمْ، كُنْتُمْ أَهْلَ قَشَفٍ وَمَعِيشَةٍ سَيِّئَةٍ، لا نَرَاكُمْ شَيْئًا وَلا نَعُدُّكُمْ، وَكُنْتُمْ إِذَا قَحِطَتْ أَرْضُكُمْ، وَأَصَابَتْكُمُ السَّنَةُ اسْتَغَثْتُمْ بناحيه أرضنا فنأمر لكم بالشيء مِنَ التَّمْرِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ نَرُدُّكُمْ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْكُمْ عَلَى مَا صَنَعْتُمْ إِلا مَا أَصَابَكُمْ مِنَ الْجَهْدِ فِي بِلادِكُمْ، فَأَنَا آمِرٌ لأَمِيرِكُمْ بِكِسْوَةٍ وَبَغْلٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَآمِرٌ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْكُمْ بِوِقْرِ تَمْرٍ وَبِثَوْبَيْنِ، وَتَنْصَرِفُونَ عَنَّا، فَإِنِّي لَسْتُ أَشْتَهِي أَنْ أَقْتُلَكُمْ وَلا آسِرَكُمْ فَتَكَلَّمَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَرَازِقُهُ، فَمَنْ صَنَعَ شَيْئًا فَإِنَّمَا هُوَ الذى يصنعه هو لَهُ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْتَ بِهِ نَفْسَكَ وَأَهْلَ بِلادِكَ، مِنَ الظُّهُورِ عَلَى الأَعْدَاءِ وَالتَّمَكُّنِ فِي الْبِلادِ وَعِظَمِ السُّلْطَانِ فِي الدُّنْيَا، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُ، وَلَسْنَا نُنْكِرُهُ، فَاللَّهُ صَنَعَهُ بِكُمْ، وَوَضَعَهُ فِيكُمْ، وَهُوَ لَهُ دُونَكُمْ، وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرْتَ فِينَا مِنْ سُوءِ الْحَالِ، وَضِيقِ الْمَعِيشَةِ وَاخْتِلافِ الْقُلُوبِ، فَنَحْنُ نَعْرِفُهُ، وَلَسْنَا نُنْكِرُهُ، وَاللَّهُ ابْتَلانَا بِذَلِكَ، وَصَيَّرَنَا إِلَيْهِ، وَالدُّنْيَا دُوَلٌ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ شَدَائِدِهَا يَتَوَقَّعُونَ الرَّخَاءِ حَتَّى يَصِيرُوا إِلَيْهِ، وَلَمْ يَزَلْ أَهْلُ رَخَائِهَا يَتَوَقَّعُونَ الشَّدَائِدَ حَتَّى تَنْزِلَ بِهِمْ، وَيَصِيرُوا إِلَيْهَا، وَلَوْ كُنْتُمْ فِيمَا آتَاكُمُ اللَّهُ ذَوِي شُكْرٍ، كَانَ شُكْرُكُمْ يَقْصُرُ عَمَّا أُوتِيتُمْ، وَأَسْلَمَكُمْ ضَعْفُ الشُّكْرِ إِلَى تَغَيُّرِ الْحَالِ، وَلَوْ كُنَّا فِيمَا ابْتُلِينَا بِهِ أَهْلَ كُفْرٍ، كَانَ عَظِيمُ مَا تَتَابَعَ عَلَيْنَا مُسْتَجْلِبًا مِنَ اللَّهِ رَحْمَةً يُرَفِّهُ بِهَا عَنَّا، وَلَكِنَّ الشَّأْنَ غَيْرُ مَا تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ، أَوْ كُنْتُمْ تَعْرِفُونَنَا بِهِ، إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بَعَثَ فِينَا رَسُولا ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ الْكَلامِ الأَوَّلِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ:
وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَكَ فَكُنْ لَنَا عَبْدًا تُؤَدِّي الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَأَنْتَ صَاغِرٌ، وَإِلا فَالسَّيْفُ إِنْ أَبَيْتَ! فَنَخَرَ نَخْرَةً، وَاسْتَشَاطَ غَضَبًا، ثُمَّ حَلِفَ بِالشَّمْسِ لا يَرْتَفِعُ لَكُمُ الصُّبْحُ غَدًا حَتَّى أَقْتُلَكُمْ أَجْمَعِينَ.
فَانْصَرَفَ الْمُغِيرَةُ، وَخَلَصَ رُسْتُمُ تَأَلُّفًا بِأَهْلِ فَارِسَ، وَقَالَ: أَيْنَ هَؤُلاءِ مِنْكُمْ؟ مَا بَعْدُ هَذَا! أَلَمْ يَأْتِكُمُ الأَوَّلانِ فَحَسَرَاكُمْ وَاسْتَحْرَجَاكُمْ، ثُمَّ جاءكم

نام کتاب : تاريخ الطبري = تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري نویسنده : الطبري، أبو جعفر    جلد : 3  صفحه : 523
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست