responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ الجزائر المعاصر نویسنده : الزبيري، محمد العربي    جلد : 1  صفحه : 25
إن هذا القسم، في مأساته، يشتمل على فتئتين اجتماعيتين. تتشكل الأولى من العائلات المقربة من السلطات الاستعمارية نتيجة ما تقدمه لها من خدمات في مجال تسيير شؤون "الأهالي" وهي رغم ما تحظى به من امتيازات وما تملكه من متاع لا ترقى إلى مستوى أحط الأوربيين شأناً وأقلهم ثروة. ومن الناحية العددية، فإن هذه الفئة قليلة جداً حتى عندما تضم إليها من كانوا يسمون بالنخبة ولذلك، ولأنها غير متجانسة، فإنها لا تُكِّون طبقة مستقلة بذاتها، أما الفئة الاجتماعية الثانية فتتشكل من باقي السكان الذين يعيشون أوضاعاً متقاربة جداً ويتعرضون لنفس أنواع الاستغلال والاضطهاد والعسف.
انطلاقاً من هذه الحقائق، نستطيع القول إن الحديث عن تطور الجزائر وما عرفته من انجازات اقتصادية واجتماعية وثقافية لا يكون صحيحاً إلا إذا ظل مقصوراً على الأوربيين فقط، وعلى سبيل المثال نتوقف عند القرار الذي سن المنح العائلية سنة 1941 وتضمن في مادته الأخيرة أن تطبيقه يمتد أيضاً إلى الجزائر. إن ذلك التمديد قد وقع بالفعل ولكنه لم يتعد الجالية الأوربية ولم يستفد منه، كما ينبغي، حتى أبناء الجزائريين المغتربين في فرنسا (42).
وعندما نريد تقييم الإنسان الجزائري، تقييماً مطلقاً، فإننا نجد أن قيمته عشية اندلاع الثورة لم تكن أفضل من قيمة البهائم (43). فالإدارة الاستعمارية لا توليه أي اهتمام إلا عندما يتعلق الأمر بفرض مختلف أنواع الضرائب عليه. ونقول مختلف أنواع الضرائب لأن "الأهالي" في الجزائر، لم يكونوا يحكمون بقانون، بل أن حياتهم اليومية تسير وفقاً لمشيئة المستعمر الذي يخطط للمداخيل والمصاريف، والذي يوزع المهام ويخلق الأوضاع حسب إرادته وتماشياً مع مصالحه الخاصة.
إن الشرطة، في المدن، والحراس والشواش، في الأرياف، وكذلك القواد والباشغوات كلهم يأتمرون بأوامر غلاة المعمرين الذين لهم اليد الطولى في التعيين والترقية والعزل، لأجل ذلك، كثيراً ما نرى فلاحاً جزائرياً يُغرَّم لأنه ركب حماره، أو وُجِدَ يأكل الخبز والعنب في الغابة، أو أن أخباراً أفادت بأنه ذبح خروفاً أو ديكاً دون رخصة خاصة (44).
إن هذا التعسف، وعدم وجود السلطة المستقلة التي يحتكم إليها هما اللذان جعلا معظم أبناء الجزائر يفضلون العزلة والعيش على الهامش موكلين كل ما يتعلق بمصيرهم للقضاء والقدر، راضين بحياة البهائم المفروضة عليهم.
وكانت المرأة، بالإضافة إلى ما يعاني منه الرجل، تخضع لظروف قاسية نتيجة التأويل الخاطئ لمبادئ الإسلام السمحة (45).

نام کتاب : تاريخ الجزائر المعاصر نویسنده : الزبيري، محمد العربي    جلد : 1  صفحه : 25
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست