نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 211
لتخلف المورسكيين المختصين فيها رغم أوامر الطرد. واختص مورسكيو أراغون القديمة أكثر من غيرهم في الزراعة السقوية، لذا انخفض إنتاج القمح من الأراضي السقوية انخفاضًا هائلاً بعد طردهم. ولم يختص المورسكيون في الزراعة الشتوية إلا في منطقة الاسترمادورا، كما اختصوا في زراعة أشجار الفواكه رغم رداءة أرض الاسترمادورا وصعوبة مناخها.
أما في مملكة غرناطة، فقد تحول مسلموها إلى عمال متجولين ومزارعين في أراضي النصارى وعبيد بعد ثورة غرناطة الكبرى ومصادرة أراضيهم.
كان المورسكيون أحدق من النصارى في المهن التي اختصوا فيها. كما اختصوا في الصناعات الغذائية وفي بيع الغذاء الجاهز في القرى والمدن، بينما عمل بعضهم كميكانيكيين ونحاسين وحدادين وخرازين، وصانعي الصابون، وحمالين. وكان عدد آخر منهم يعمل في صناعات الجلد بأنواعها، والخشب والحديد والخزف. ولم يكن منهم سوى عدد قليل في صناعة الأثواب.
وعملت الدولة الإسبانية على إبعاد المورسكيين عن المهن الحرة ومراكز المسؤولية طوال القرن السادس عشر. فشرعت عدة قوانين تمنع استخدامهم في التعليم وفي وظائف الحكومة، كما تمنع النصارى من تدريبهم. وشرعت الدولة قوانين أخرى تمنع المورسكيين من دخول المهن ذات المستوى الاجتماعي الرفيع، كالصيدلة والطب والصياغة والسمسرة، الخ ... ورغم ذلك، استطاع كثير منهم مزاولة عدة حرف ممنوعة عليهم، كصناعة الحرير والخياطة، نظرًا لمهارتهم وجودة عملهم، وكانت لبعضهم مصانع ناجحة في المدن الكبرى، خاصة إشبيلية.
ولقد ترك المورسكيون روائع معمارية تسمى بالفن المدجن، أهمها قصور مدينة إشبيلية التي ابتدىء ببنائها سنة 1505 م، وصومعة سرقسطة الجديدة التي بنيت في نفس السنة، وغيرهما. وأدى جهل النصارى بروعة الفن المدجن إلى تحطيم كثير من النفائس المعمارية في القرون الأخيرة، بما فيها صومعة سرقسطة. وكان المدجنون في أراغون القديمة يعتزون بانتمائهم الإسلامي قبل التنصير القسري، ويوقعون الأبنية التي يبنونها، بما فيها الكنائس، بـ "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وكان النصارى يحترمون كبار معلمي البناء المدجنين، ويسمحون لهم بالسكن معهم خارج أحياء المدجنين. ومن بين كبار "العارفين" (أي كبار الفنيين) المعروفين العارف زونزونغي الذي بنى عدة قصور وأبنية عامة في مدينة المرية في القرن السادس عشر.
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 211