نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 239
عطلته. لكن المحكمة قالت إن الخادمة اتهمت كل أهل بيت دياس بالنظافة وارتداء فاخر الثياب أيام الجمعة وليس دياس بمفرده.
فركزت المحكمة على موضوع ختانه في الجزائر. فادعى المتهم أنه أجبر على ذلك. فأجابه القاضي بأن المسلمين لا يرغمون أحدًا على اتباع دينهم ولا يرغمون أحدًا على الختان، ولذلك فالختان برهان على ترك دين النصارى والانضمام إلى دين المسلمين. ولكن تقدم عدد من الشهود لصالح دياس، يشهدون أنه رجل صالح يوزع الصدقات من ماله الخاص على الفقراء، وبعامل جميع الناس معاملة طيبة. وفي أواخر سنة 1634 م، انتهت المحاكمة ببراءة دييكو دياس شرط أن يستغفر علنًا عن ذنب الختان في الجزائر.
ويبين هذا المثال أن محاكم التفتيش في القرن السابع عشر تعبت من ملاحقة المورسكيين، خاصة عندما لا يكون للمتهم مال يمكن مصادرته. كما يبين المثال أساليب التقية التي اتبعها المورسكيون للحفاظ على هويتهم، ومدى المساندة التي يحصلون عليها من طرف جم غفير من الشهود مما يدل على أن الكثير منهم من أصول مورسكية. وتجدر الإشارة في هذا المثال إلى أن منطقتي بلمونتي ودايميال هما من المناطق التي مكث فيها المسلمون بعد الطرد، والتي لا زال يشعر أهلها إلى اليوم بالانتماء الأندلسي.
ورغم ذلك، لم تقتنع محاكم التفتيش بالكف نهائيًّا عن متابعة المسلمين. ففي سنة 1667 م، حكمت محكمة بلدة المعدن على مورسكي بالجلد لأنه سخر من القداس. وفي سنة 1680 م، أحرق رجل من قادس حيًّا في "أوتودافي" رهيب بمجريط لاتهامه بالارتداد عن النصرانية واعتناق الإسلام ومساعدة مجاهدي البحر.
وفي سنة 1689 م، تابعت محكمة قرطبة عدة مسلمين مستعبدين هم: اسكرمان وحميد وعثمان ومنساوس وبلقاش ومحمد وحميد آخر. وكلهم من سكان قرطبة، تزوجوا بها ولهم أبناء وأحفاد. وشهد لهم الدفاع أنهم يعيشون عيشة طيبة، لم يزعجوا أحدًا قط. ورغم ذلك حكمت المحكمة بإخراجهم من المدينة مع عدد آخر من الذين اتهموا بالإسلام، دون أن يُعطَوا الوقت الكافي لجمع أغراضهم ولا للدفاع عن أنفسهم. وقصت المحكمة حياة كل واحد منهم: فاسكرمان وحميد الأول هم من سلالة قبيلة الخفة التابعة لمستعمرة وهران (بالجزائر اليوم) الإسبانية، وقد ولد اسكرمان في الأندلس في بلدة بلاي (مقاطعة قرطبة) وتزوج بها وله ولدان وعدة
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 239