نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 38
بلنسية إلى أوائل القرن السابع عشر الميلادي. وقد حافظ المدجنون على دينهم الإسلامي في ظروف سيئة للغاية تشبه العبودية. وضعفت مع السنين اللغة العربية بينهم، وأصبحوا يكتبون كتبهم ورسائلهم باللغة الأعجمية. وهذه اللغة تختلف عن اللغة التي رأيناها في أيام الدولة الأموية أو ملوك الطوائف كالتي في أزجال بن قزمان. بل هذه لغة دارجة تكتب بالحروف العربية وهي حسب المناطق أما قشتالية (إسبانية اليوم) أو برتغالية أو أراغونية (اندثرت اليوم) أو كتلانية. وأصبح لهذه اللغة أهمية كبيرة بين المسلمين بعد سقوط غرناطة.
أما سكان مملكة غرناطة فكان عددهم يساوي، على صغر رقعتها، عدد سكان ما تبقى من الجزيرة الإيبرية أو يقاربه. وكانوا جميعًا مسلمين إذ لم تبق بينهم أقليات نصرانية، كما أن اللغة الأعجمية اندثرت وأصبحت اللغة العربية بلهجتها الأندلسية هي لغتهم الوحيدة، بينما لم تكن الإسبانية سوى لغة أجنبية. وكانت مملكة غرناطة هي ملجأ الأندلسيين المدجنين وغيرهم، فحدودها دائمًا مفتوحة لهم، وتستقبل كل سنة عددًا كبيرًا من المهاجرين من الشمال ومن المجاهدين من المغرب.
وفي هذه الفترة المظلمة التي أدت إلى ظهور مملكة غرناطة كتب أبو الطيب صالح بن شريف الرندي رائيته الشهيرة التي يصف فيها أوضاع الأندلس أرضًا وشعبًا من ظلم وبؤس وهلاك، إذ يقول:
دهى الجزيرة أمر لا عزاء له ... هوى له أحد وانهد ثهلان
أصابها العين في الإسلام فارتزأت ... حتى خلت منه أقطار وبلدان
إلى أن قال:
تبكي الحنيفية البيضاء من أسف ... كما بكى لفراق الألف هيمان
على ديار من الإسلام خالية ... قد أقفرت ولها بالكفر عمران
حيث المساجد قد صارت كنائس ما ... فيهن إلا نواقيس وصلبان
حتى المحاريب تبكي وهي جامدة ... حتى المنابر ترثي وهي عيدان
ثم يقول:
يا من لذلّة قوم من بعد عزّهم ... أحال حالهم كفر وطغيان
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم ... واليوم هم في بلاد الكفر عبدان
نام کتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس نویسنده : علي المنتصر الكتاني جلد : 1 صفحه : 38