الشخصيات التي كانت تحيط بذلك الداي - هو الوحيد الذي كان نزيها وذا أخلاق فاضلة، أما الآخرون، فإنهم لم يكونوا سوى مغامرين. وعندما توفي علي باشا هذا، اجتمع الديوان لاختيار الملك، فوقع اختياره على حسين الذي كان آخر باشوات الأتراك قبل الغزو الفرنسي.
ولقد ارتكب الأتراك خطأ فادحا عندما تركوا السلطة المطلقة بين أيدي الباشوات، لأن ذلك جرد الديوان من كل قوة وسلطان وجعله كلا شيء، في حين أنه أنشىء لمراقبه أعمال الباشوات ومساعدة الحكومة عن طريق تزويدها بالنصائح. ولم يعد يطلب من أعيان البلاد آراؤهم، كما ان أهم المناصب في الدولة والوزارات ووظيفة خوجة الخيل لم تعد تعطى إلا للأتراك لأن الكراغلة طردوا من الحكم على الرغم من أنهم كانوا فروعا لهؤلاء الأتراك أنفسهم.
وفيما يخص الكراغلة، سأروي حادثة تاريخية كانت هي السبب في إبعادهم: ففي حوالي سنة 1630، وللاستيلاء على الحكم، وضع أفراد تلك الطبقة مشروعا يهدف إلى طرد الأتراك (آبائهم وأجدادهم) الذين كانوا يحكمون البلاد. ولهذا الغرض اجتمعوا في حصن الامبراطور. وعندما علم الأتراك بهذه المناورة فكروا. لإحباط المشروع ; في ان يلبسوا عددا من العمال الذين يدعون بني ميزاب ملابس نسائية، ولما تدثر هؤلاء بالملاحف أخذوا أسلحتهم والذخيرة في شكل متاع مستورد، ثم تقدموا الى مدخل الحصن وكأنهم نساء هربن من جور الأتراك. وبمجرد ما دخل أولئك الرجال الحصن وهم تحت ذلك القناع، هاجموا المتمردين بمساعدة فوج كان يتبعهم عن كثب، فأخضعوهم وأحبطوا مشاريعهم. وعلى اثر هذا الحادث،