محلات بكري هذه بمصالح حسن باشا ومصطفى باشا، واستطاعت أن تحصل على ثروة تقدر بالملايين وسأروي واقعة واحدة تستطيع أن تفسر الكيفية السريعة التي تمكن بها أولئك اليهود من جمع تلك الثروات: لقد قدم باي قسنطينة [8] كالعادة إلى مدينة الجزائر. ولما أراد أن يقدم هدية ثمينة إلى زوجة الداي توجه إلى يهودي يدعى نفتالي أبو جناح، شريك بكري، لشراء حلية نفيسة، فأحضر له سرماطا مرصعا بالماس تقدر قيمته بستين ألف بياستر (300،000 ف) فاشتراه وبما أنه لم يكن يملك المبلغ نقدا، فقد تعهد بأن يدفع بدلا من تلك القيمة كيلات من القمح يقدر ثمن الواحدة بأربعة فرنكات، وتزن أربعين كلغ. وبعد الحصاد، أرسل (البكريون) مراكب تشحن كمية من القمح قدرها خمسة وسبعون ألف كيلة نقلوها إلى فرنسا وكان ذلك أثناء الحصار الإنكليزي، فباعوها بخمسة فرنكا للكيلة الواحدة التي لم تكلفهم سوى أربعة فرنكات، وهكذا افادوا من تلك الشحنات ثلاثة ملايين وسبعمائة وخمسين ألف فرنك ويقال إن الحلية صنعت في باريس ولا يبلغ سعرها إلا ثلاثين ألف فرنك وبما أن أحد شركائهم لم يستفد من هذه الصفقة في حين أنه هو الذي أرسل الحلية من باريس فإنه قدم إلى الجزائر يطالب بحصته ولكنه لم ينل شيئا. ولقد حصلت على هذه التفاصيل من ذلك الشريك نفسه. وهذه الأموال هي المصدر، وأحد الأسباب الرئيسية للحرب التعسة بين فرنسا والجزائر ولسقوط حكومة الأتراك في هذا الجزء من أفريقيا.
هذه هي، إذن، الكيفية التي جمع بها وبأمثالها أولئك اليهود ثروتهم على [8] المقصود هنا هو الوزناجي الذي كان بايا على التيطري ثم عزل سنة 1792 بعد حكم دام عشرين سنة. وفي سنة 1794 تدخل بو جناح وبكري لدى الداي فعينه على رأس بايلك قسنطينة. والداي في ذلك الحين هو بابا حسن.