أذكر أن السيد الجنرال كلوزيل دعاني مرة لأتناول طعام العشاء مع أعضاء البلدية، وفي ذلك اليوم نفسه أعلمنا بأننا عزلنا لأننا لم نكن متفقين فيما بيننا! وبعد ذلك دخل الترجمان زاكر وبدأ يسخر من اجتماعنا عند الجنرال، موجها كلامه المازح إلى هذا الأخير قائلا: (أتوسل إليكم، أيها الجنرال، فلا تقطعوا رؤوس هؤلاء الأفاضل، إنهم أرباب أسر). وإذا كنت فيما يخصني، لم أهتم بهذا المزاح فهناك، من بيننا، من استاء له. وبعد أن انتعشت المحادثة تكلما عن سيرة باي وهران. فلاحظ بعضهم بأن هذا الباي، لو كان عند حكومة غير الحكومة الفرنسية، لكان يخشى الكثير ولوقع قتله للاستيلاء على ثروته. وعليه، فإنه لا يليق به بلد أحسن مما تلائمه فرنسا، ومن ثمة يجب أن يبقى تحت سيطرة الفرنسيين. في تلك الظروف كنت أفكر مثلهم، فوافقتهم ولم أنتبه إلى أنهم كانوا يتكلمون كذلك عن خبث، لأنهم كانوا يعرفون أنني كنت صديقه، وإنني سأنصحه بالبقاء.
ولكي أذكر فضائل الجنرال كلوزيل، ما علي إل أن أعدد بعض الأعمال الخالدة التي وقعت أثناء ولايته لافريقيا. ففي عهده نهب الأموات في مدافنهم، وسمح بالاتجار بالعظام البشرية، وبيعت حجارة المقابر ثم نقلت إلى باب الوادي لتحول إلى مادة الجير ووقع الاستيلاء على آجر المقابر، الخ ...
وقد تزايدت هذه التجاوزات إلى درجة أن القاضي رأى من الواجب عليه أن يقدم للجنرال كلوزيل اعتراضات في هذا الموضرع، ولكن هذا الأخير لم يجبه إلا بكيفية غامضة، كما لو كان يريد التخلص منه، هناك من يرى أن الحكومة الفرنسية لم تسمح بانتهاك المقابر إلا لحقدها على ديننا. وفيما يخصنا، فإنه لا يوجد أي اعتبار يمكن أن يسمح بتجريد الأموات من لباسهم الأخير، وتشتيب عظامهم في التراب ..