ومن بين مالكي هذه الدواوير أو رؤساء العائلات، هناك من يبدو ثريا. ولقد دعيت، شخصيا لتناول الطعام عند أحد هؤلاء الملاكين فقدم لي (ابريقا) من الفضة لأغسل يدي قبل الأكل، على الطريقة الشرقية، وأحضر الوجبة في صحون من الخزف الصيني.
وكما ذكرنا سابقا، فإن النساء اللاتي يكلفن بالحلب، يذهبن كذلك لجلب الماء وقطع الحطب لإشعال النار. وفي الأماكن التي يوجد فيها الحطب بقلة، كما هو الشأن في نواحي قسنطينة، فإن الأهالي يستعملون محروقات من نوع آخر، مكونة من خليط العشب وخثي البقر المجفف. والنساء هن اللاتي ينسجن الخيام، والحياك والبرانس، وهن اللاتي يمخضن، ويتبعن طريق الحصادين لجمع السنابل كما أنهن يتولين طحن الحب، وعجن الدقيق، والقيام بكل ما هو منزلي على العموم، ولذلك نرى هؤلاء النساء اللاتي لا يتوقفن عن الإشتغال، نراهن قذرات لا يعتنين بهندامهن، الأمر الذي يجعلهن عرضة للحمى ولغيرها من الأمراض الناتجة عن كثرة ما يلاقين من أتعاب. وعلاجهن عبارة عن نباتات معروفة بنجاعتها لأن السكان هنا لا يعرفون مبادىء التطيب. وبالنسبة اليهم، فالطبيعة وحدها هي التي تصنع المعجزات، ومن العادة أنهم، في مثل هذه الحالات، يلجؤون إلى الحمية [3].
أما فيما يخص حيواناتهم فإنهم يعرفون علم البيطرة كما هو معروف في أوروبا.
وتوجد لديهم طريقة للاحتفاط بالحبوب سنوات متعددة دون أن يلحقها [3] وذلك عملا بقول الرسول عليه السلام: المعدة بيت الدائ والحمية رأس الشفاء (أو كما قال).