وتجار. وإذا وضعوا ثقتهم في شخص فللأبد، وكذلك إذا خدعوا فإنهم سيحذرون إلى الأبد الشخص الذي خدعهم. إن معظم مبايعتهم يتم بدون عقد وبدون شهادة، وبكل أمانة ينفذون جميع التزاماتهم.
عندما تقع أفراح الزواج أو عندما تكون هناك أعياد عائلية، فإن هؤلاء السكان يستلفون من بعضهم حليا وجواهر ثمينة يفوق سعرها في بعض الأحيان عشرة أو خمسة عشر ألف فرنك. وكل شيء في هذه الظروف، يرتكز على الثقة ولا يشترط أي دليل لإثبات الدائنية. ولقد يوثق بامرأة عجوز إذا كانت معروفة حتى ولو كانت فقيرة. وإننا لا نذكر أن مشكلا قد وقع من جراء ذلك. ولقد جرت العادة كذلك أن بعض الأسر الغنية (التي نفي مغظمها من الجزائر نتيجة الحكم الفرنسي الجائر) تشتري جواهر وحليا فاخرة تعار للأيتام عند زواجهم وللفقراء الذين لا يستطيعون الحصول عليها. وتعتبر الأسر هذا التصرف كعمل من الأعمال الخيرية ونحن نعتقد أن الخير لا يتم فقط بواسطة التصدق على الفقراء، وإعطاء فرنك أو ألف فرنك لشخص معين، ولكن الخير يكون كذلك في كل ما يفرح الجار ويحدث في نفسه شعورا بالغبطة والسرور. وهكذا، فإن هذه الحلي مخصصة فقط للاستعمال المحلي كما فصلنا ذلك أعلاه، ومن ثمة، فإن قيمتها تشكل نوعا من الرأسمال الجامد. إن الجزائريين مسالمون بالطبع، ويخضعون للسلطة حتى ولو جارت.
وإن المحنة التي سلطها عليهم الفرنسيون لخير دليل على ذلك، إذ ما أكثر الآلام التي تعرضوا لها من طرف السادة الحكام ابتداء من بورمون [1] نفسه إلى [1] هو قائد الحملة الفرنسية. ولد سنة 1773 وتوفي سنة 1846. كان من جنرالات الامبراطورية ثم انضم إلى لويس الثامن عشر. هو الذي وقع على ثيقة الاستسلام وأول من نكث العهد الذي عقده مع الجزائريين باسم الأمة الفرنسية.