فهؤلاء هم الذين ينظمون شؤون المدينة، ويحافظون على الأمن في أوساط مختلف الطبقات العاملة، ويراقبون الشرطة المحلية، والنظافة والقنوات والمؤسسات العمومية والجمعيات الخيرية والمستشفيات، الخ ... وأخيرا، فإليهم تلجأ السلطة في جميع الحالات. ومن قوانينهم أنه لا ينبغي أن يساهم جميع المواطنين، بدون استثناء، في تكوين الجيش، لأن بعضهم يشتغل بصناعته أو يسهر على رعايته أسرته، ومثل هؤلاء لا يطلب منهم القيام بما قد يعرقل أعمالهم أو يعقدهم عن واجباتهم، وإنما يكونون، فقط، أجنادا متطوعين لحماية مناطقهم الخاصة إذا كانت هناك تعبئة عامة، ومعنى ذلك أنهم ينخرطون في جيش لا يتقاضى أجرا ويمكن مقارنته بالحرس الوطني في فرنسا [1].
وعندما وضع هذا التنظيم للإيالة، كان الأتراك يريدون أن يساهم مواطنوا الجزائر في الديوان الذي تكلمت عنه أعلاه; غير أن هؤلاء المواطنين رفضوا حتى لا يكونوا مسؤولين أمام الحكومة، وقالوا بأنهم يفضلون أن يكونوا وسطاء بين الحاكم وسكان الداخل ; ومراقبين لما يقوم به الحاكم أو أعوانه من أعمال، أملا منهم بأن سلوكهم هذا يجعل الأتراك يزدادون ارتباطا بالإيالة ويرتاحون للثقة التي يوالونها إياهم. أما الذين يصبون إلى المسؤوليات، فإنهم كانوا يقدسون القوانين ولا يخالفونها أبدا. وبما أن هناك جنودا من الميليشيا يرتبطون بالأهالي عن طريق الزواج ويندمجون في المجتمع قبل بلوغهم درجة بولكباشي، فإن الواجب يحتم عليهم قبل ارتقائهم إلى [1] نوع من الميليشيا، أنشء سنة 1789 من الطبقة البورجوازية وألغي في عهد (العودة) ليظهر للوجود مرة أخرى سنة 1848 تحت اسم الحرس الوطني المتجول.