responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السلطان الشهيد عماد الدين زنكي شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 32
مشي يسير العسكر خلفه في صفين، كأنهم الخيط خوفاً أن يدوس أحدهم الزرع ولا يجسر أحد أن يدوس عرقاً منه، ولا يمشي فرسه فيه، ولا يجسر أن يأخذ من فلاح تبن إلا بثمنها، أو بخط من الديوان إلى رئيس القرية، وأن تعد أحد صلبه [1]. وهيبته كانت في نفوس قادته قال علي كوجك نائبه بالموصل، لما فتحنا الرها مع الشهيد، وقع بيدي من النهب جارية رائعة أعجبني حسنها، ومال قلبي إليها فلم يكن بأسراع من أن أمر الشهيد، برد السبي والمال المنهوب وكان مهيباً مخيفاً فرددتها وقلبي معلق بها [2]، وخرج يوماً من باب السر، في قلعة الجزيرة خطوة، وملاح له نائم فأيقظه بعض الجاندرية من مماليك السلطان فحين رأى الشهيد سقط على الأرض فحركه فوجده [3] ميتاً، وركب يوماً فعثرت دابته، وكاد يسقط عنها فأستدعى أميراً، وكان معه، فقال له كلاماً لم يفهمه، ولم يتجاسر على أن يستفهمه منه، فعاد إلى بيته وودع أهله عازماً على الهرب فقالت له زوجته: ماذنبك وما حملك على الهرب؟ فذكر لها الحال، فقالت له: إن نصير الدين له بك عناية، فأذكر له قصتك، وأفعل ما يأمرك به. فقال: أخاف أن يمنعني من الهرب وأهلك.
فلم تزل به زوجته تراجعه وتقوي عزمه إلى أن عّرف نصير الدين حاله، فضحك منه وقال له: خذ هذه الصرة الدنانير وأحملها إليه، فهي التي أراد. فقال: الله الله في دمي ونفسي. فقال لا بأس عليك، فإنه ما أراد غير هذه الصرة. فحملها إليه فحين رآه قال: أمعك شيء؟ قال: نعم، فأمره أن يتصدق به، فلما فرغ من الصدقة قصد نصير الدين وشكره وقال: من أين علمت أنه أراد الصُرة؟ فقال: إنه يتصدق بمثل هذا القدر كل يوم، يرسل إليّ يأخذه من الليل، وفي يومنا هذا لم يأخذه، ثم بلغني أن دابته عثرت به حتى كان يسقط إلى الأرض، فأرسلك إليّ فعلمت أنه ذكر الصدقة [4]، واجتمع حوله العرب والترك والتركمان والأكراد والبدو وكان يجتهد أن تضبط أمور هذه الجموع بحكمة القائد الماهر، ويضبطهم في أحرج الأوقات، فعندما اقتحم جنده الرها، وكادوا يأتون على ما فيها، كف أيديهم وحافظ على البلد لأن تخريب مثله لا يجوز في السياسة كما قال [5] وخاف خصومه قصد ولايته لعلمهم أنهم لا ينالون منها عرضاً [6]، وبلغ من خوف الفرنجة منه أنه رفع الحصار عن قلعة البيرة لقتل نائبه في الموصل، فسلمها أهلها إلى حسام الدين تمرتاش خوفاً من عودة الشهيد إليهم [7]، وكان يخشاه سلاطين

[1] تاريخ حلب ص 283، الحروب الصليبية ص 159.
[2] الحروب الصليبية والأسرة الزنكية نقلاً عن تاريخ حلب ص 159.
[3] مفرج الكروب (1/ 105).
[4] مفروج الكروب (1/ 105).
[5] الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 159.
[6] الباهر ص 25.
[7] كتاب الروضتين نقلاً عن الحروب الصليبية والأسرة الزنكية ص 160.
نام کتاب : السلطان الشهيد عماد الدين زنكي شخصيته وعصره نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست