responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 163
ابن خلدون مدى التغير الذي حدث, فقدر أن خلافة وإن كانت تحولت إلى ملك, فإن معاني الخلافة بقيت - بعضها- وإنما كان التغير في الوازع فبعد أن كان ديناً انقلب عصبية وسيفاً: يقصد بذلك أنه بعد أن كان الناس يتصرفون بوازع الدين, والخلافة شورى, صار الحكم مستنداً إلى العصبية والقوة, ولكن معاني الخلافة أي مقاصدها وأهدافها بقيت أي أن غايات هذا الملك كان لاتزال تحقيق مقاصد الدين والحكم وفق الشريعة الإسلامية بالعدل وتنفيذ الواجبات التي يأمر بها الإسلام: أي أن الحكم أو الملك استمر إسلامياً وشرعياً [1] ولخص الأدوار التي مرت بها الخلافة فقال: فقد بين أن الخلافة قد وجدت بدون الملك أولاً, ثم التبست معانيها واختلطت بالملك, ثم انفرد الملك حيث افترقت عصبية الخلافة والله مقدر الليل والنهار [2]. فالدور الأول الذي يشير إليه هو عصر الخلفاء الراشدين وهو عصر الخلافة الخالصة أو الكاملة, والدور الثاني هو عصر الخلفاء الأمويين والعباسيين - ولا يمنع كذلك العثمانيين- وهذا عصر الخلافة المختلطة بالملك أو الملك المختلط بالخلافة: أي الذي يحقق في الوقت مقاصد الخلافة, أما الدور الثالث فهو عصر الملك المحض الذي صار بقصد لذات الملك والأغراض الدنيوية, وانفصل عن حقيقة الخلافة أو معانيها الدينية, فهذا وصف أو تفسير ابن خلدون المؤرخ الفقيه للتطور الذي حدث والأدوار التي مرت بها الخلافة [3].
إن الخلافة الحقيقة أو الكاملة أو خلافة النبوة استمرت ثلاثين عاماً وهو عصر الخلفاء الراشدين ثم تحولت إلى ملك, ولكن لكي نعبر عن الحقيقة يجب أن يراعى هذا التحديد, وهو أن الخلافة لم تنته أو تذهب كلية, وإنما بقيت معانيها أو مقاصدها, وأن التغيير حصل في الأساس التي قامت عليه, أما حقيقتها فقد بقيت, فالتغير إذن لم يكن كليا ولكن جزئياً: أي أن الخلافة في العصر الأول كانت هي الخلافة الكاملة المثالية, ثم نقصت عن المثال من وجه أو بعض الوجوه, لكن معظم عناصره بقيت, فهي خلافة أقل في الرتية أو خلافة مختلطة بالملك [4] , والرأي العام في الإسلام يتمسك بالمثال, أو خلافة النبوة, أو الخلافة الكاملة, وهي تلك التي تقوم على الشورى والاختيار التام من الأمة وأنه إذا كان الظروف الواقعية والعوامل الاجتماعية قد حتمت أو أدت إلى هذا التطور, فإن تحمل ذلك أو قوله لا يكون إلا مؤقتاً أو من باب الضرورة, ولكن لايلزم أن يكون المثل الكامل حاضراً دائماً في فكر الرأي العام, وبمجرد أن تزول تلك العوامل والظروف تجب العودة إلى تحقيق المثل الكامل, ولذا

[1] النظريات السياسية للريس ص 194 نقلا عن المقدمة لابن خلدون.
[2] المصدر نفسه ص 195.
[3] المصدر نفسه ص195.
[4] النظريات السياسية ص 196
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 163
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست