نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 432
الشورى مقرر في القرآن والسنة القولية والفعلية، وقد عمل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ولم يكن عمر مبتدعاً بالنسبة للأصل، ولكن الذي عمله عمر هو تعيين الطريقة التي يختار بها الخليفة وحصر عدد معين جعلها فيهم وهذا لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصديق ـ رضي الله عنهم ـ بل أول من فعل ذلك عمر ونعم ما فعل، فقد كانت أفضل الطرق المناسبة لحال الصحابة في ذلك الوقت [1].
وبهذا جعل أمير المؤمنين هيئة سياسيسة عليا وهم أهل الشورى وأناط بهم وحدهم اختيار الخليفة من بينهم، ومن المهم أن نشير إلى أن أحداً من أهل الشورى لم يعارض هذا القرار الذي اتخذه عمر، كما أن أحداً من الصحابة الآخرين لم يثر أي اعتراض عليه، ذلك ما تدل عليه النصوص التي بين أيدينا، فحن لا نعلم: إن اقتراحاً آخر صدر عن أحد من الناس في ذلك، أو أن معارضة ثارت حول أمر عمر خلال السَّاعات الأخيرة من حياته، أو بعد وفاته وإنما رضي الناس كافة هذا التدابير، ورأوا فيه مصلحة لجماعة المسلمين، وفي وسعنا أن نقول: إنَّ عمر قد أحدث هيئة سياسية عليا مهمَّتها انتخاب رئيس الدولة أو الخليفة، وهذا التنظيم الدستوري الجديد، الذي أبدعته عبقرية عمر لا يتعارض مع المباديء الأساسية التي أقرها الإسلام ولاسيما فيما يتعلق بالشورى، لأن العبرة من حيث النتيجة العامة التي تجري في المسجد الجامع. وعلى هذا لا يتوجّه السؤال الذي قد يرد على بعض الأذهان، وهو: من أعطى عمر هذا الحق؟ ما هو مستند عمر في التدبير؟ ويكفي أن نعلم أن جماعة من المسلمين قد أقرت هذا التدبير، ورضيت به ولم يُسمع صوت اعتراض عليه حتى نتأكَّد: أنَّ الاجماع ـ وهو مصدر من مصادر التشريع ـ قد انعقد على صحته ونفاذه [2]، ولا ننسى: أن عمر خليفة راشد، كما ينبغي أن نؤكِّد أن أهل الشورى أعلى هيئة سياسية قد أقرّه نظام الحكم في الإسلام في العهد الراشدي، كما: أنَّ الهيئة التي سمّاها عمر، تمتَّعت بمزايا لم يتمتع بها غيرها من جماعة المسلمين، وهذه المزايا منحت لها من الله وبلغها الرسول، فلا يمكن عند المؤمنين أن يبلغ أحد من المسلمين مبلغ هؤلاء العشرة من التقوى، والأمانة [3].
ومن الأمور المهمة حرص الفاروق على ابعاد الإمارة عن أقاربه، مع أن فيهم من هو أهل لها، فهو يبعد قريبه سعيد بن زيد عن قائمة المرشحين للخلافة [4] وقد أوصى بأن يحضر عبد الله بن عمر مع أهل الشورى وأن ليس له من الأمر شيء، ولكن قال لهم: فإن رضي ثلاثة [1] المصد نفسه صـ 127 [2] نظام الحكم في الشريعة والتاريخ الإسلامي (1/ 227/228). [3] المصدر نفسه (1/ 229). [4] الخلفاء الرّاشدون للخالدي صـ98.
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 432