responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 648
فمعاملته لابن عمر وجابر رضي الله عنهما كانت قبل ذلك حيث توفيا قبل حركة ابن الأشعث [1]، وقد تعدت مضايقة الحجّاج للعلماء للذين لم يشاركوا في هذه الحركة، ومن عهد عنهم النهي عن الخروج على الولاة ولا يرون استخدام السيف لتغير المنكر، ومن هؤلاء الحسن البصري فقد اشتهر عنه النهي عن حمل السيف ومقاومة ظلم الولاة به، وعندما أكره على المشاركة في القتال تخلص وهرب من الصف ومع ذلك فقد كان الحجّاج يطلبه وحاول قتله مراراً ولكن الله يعصمه منه [2]، حتى اضطر الحسن أن يختفي عن الحجّاج في منزل بعض أصحابه وهو أبو خليفة الحجّاج بن عتاب [3]، فكان أصحابه وطلابه يغشونه لمدارسته العلم والتلقي عنه في مكان تواريه [4]، ومن الذين لم يشاركوا في فتنة ابن الأشعث إبراهيم النخعي، ومع ذلك فقد عاش مدة مختف عن الحجّاج والحجّاج يطلبه حتى كان لا يصلي جماعة مدة اختفائه مخافة من الحجّاج [5]، وكذلك شأن الإمام مجاهد بن جبر، فإنه كان ممن يطارده الخوف من ظلم الحجّاج حتى اضطر إلى التواري عنه [6].
ومن هذا العرض السابق يتضح مدى ما وصلت إليه تجاوزات الحجّاج الشرعية وطبيعة علاقته مع العلماء وعلاقة العلماء به والجدير بالذكر أنه لم تصل علاقة العلماء بأي والٍ من ولاة الدولة الأموية في سوئها كما وصلت إليه علاقتهم مع الحجّاج، بل كانت علاقتهم مع ولاة الدولة في عمومها حسنة يعينونهم على الحق، ويجاهدون معهم ويأمرونهم بالمعروف ويبدون لهم النصح فيسمع منهم في كثير من الأحيان [7]، ومن كل ما سبق يتضح أنه كان للحجّاج الأثر الكبير في مشاركة العلماء في حركة ابن الأشعث، بل وفي قيام تلك الحركة من وجهين. الأول: أنه بأسلوب الشدة والقسوة أضرم نيران الحقد والكراهية في قلوب مختلف الفئات من الناس في العراق ـ بما فيهم العلماء ـ عليه وعلى بني أمية والوجه الآخر: أنه كان سبباً مباشراً لإعطاء ابن الأشعث الفرصة في القيام بتلك الثورة، حيث جنده بكل ما يملك من جنود وسلاح ومال وهو يعلم ما بينهما من كره متبادل، وقد حذر من ذلك بأسلوبه المتعنت في التعامل مع ابن الأشعث وجنوده في رسائله التي تفوح بالحمق حيث ملأها بالشتائم لابن الأشعث ولم يراع مصلحة الجنود كما لم يشعرهم بأهميتهم لديه، بل العكس في ذلك كأنما أراد بتصرفه معهم التخلص من حياتهم وهذا يمثل ما وصل إليه غرور الحجّاج بنفسه [8].

[1] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ578، 579.
[2] تاريخ الإسلام للذهبي نقلاً عن أثر العلماء صـ580.
[3] كتاب المتوارين للأزدي صـ45.
[4] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ581.
[5] سير أعلام النبلاء (4/ 521) أثر العلماء صـ581.
[6] المتوارين للأزدي صـ53.
[7] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ583.
[8] أثر العلماء في الحياة السياسية صـ586.
نام کتاب : الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 648
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست