responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 116
من مسكنه بالسنح، حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو مغشَّى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، والله لا يجمع الله عليك موتتين؛ أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها [1]، وخرج أبو بكر وعمر يتكلم، فقال: اجلس يا عمر، وهو ماض في كلامه وفي ثورة غضبه، فقام أبو بكر في الناس خطيبًا بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
أما بعد: فإن من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَّضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ} [آل عمران: 144] فنشج الناس يبكون [2].
قال عمر: فوالله ما سمعت أبا بكر تلاها، فهويت إلى الأرض ما تحملني قدماي، وعلمت أن رسول الله قد مات. [3] قال القرطبي: هذه الآية أدل دليل على شجاعة الصديق وجراءته؛ فإن الشجاعة والجرأة حدهما ثبوت القلب عند حلول المصائب، ولا مصيبة أعظم من موت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فظهرت شجاعته وعلمه، قال الناس: لم يمت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، منهم عمر، وخرس عثمان، واستخفى علي، واضطرب الأمر، فكشفه الصديق بهذه الآية حين قدومه من مسكنه بالسنح [4].
وبهذه الكلمات القلائل، واستشهاد الصديق بالقرآن الكريم خرج الناس من ذهولهم وحيرتهم ورجعوا إلى الفهم الصحيح رجوعًا جميلاً، فالله هو الحي وحده الذي لا يموت، وأنه وحده الذي يستحق العبادة، وأن الإسلام باق بعد موت محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [5]، كما جاء في رواية من قول الصديق: إن دين الله قائم، وإن كلمة الله تامة، وإن الله ناصر من نصره، ومعز دينه، وإن كتاب الله بين أظهرنا، وهو النور والشفاء، وبه هدى الله محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيه حلال الله وحرامه، والله لا نبالي من أجلب علينا من خلق الله. إن

[1] البخاري، كتاب المغازي، رقم: 4452.
[2] البخاري، كتاب فضائل الصحابة، رقم: 3668.
[3] البخاري، كتاب المغازي، رقم: 4454.
[4] تفسير القرطبي: 4/ 22.
[5] استخلاف أبي بكر الصديق، جمال عبد الهادي: 160.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 116
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست