responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 233
فأعتنقه عمر وبكى، ثم ذهب به فأجلسه فيما بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد من فعل به ما فعل بإبراهيم خليل الله. (1)
فهذه كرامة لهذا العبد الصالح الذي التزم بحدود الله وأحب في الله وأبغض في الله وتوكل على الله في كل شيء، وبذلك وفقه الله في القول والعمل ورزقه الأمن والطمأنينة وأجرى الله على يديه هذه الكرامة، قال تعالى: {أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ - الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآَخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62 - 64].

العفو عند الصديق:
كان لأبي بكر بُعْد نظر وبصيرة نافذة ونظر بعواقب الأمور، ولذلك كان يستعمل الحزم في محله والعفو عندما تقتضي إليه الحاجة، فقد كان حريصًا على جمع شتات القبائل تحت راية الإسلام، فكان من سياسته الحكيمة عفوه عن زعماء القبائل المعاندة بعد رجوعهم إلى الحق، فإنه لما استخضع قبائل اليمن المرتدة وأراهم سطوة دولة المسلمين وقوة شكيمتهم ومضاء عزيمتهم، واعترفت القبائل بما أنكرت واستكانت لحكم الإسلام، وأطاعوا خليفة رسول الله رأى أبو بكر أنه من تأليف القلوب ترك استعمال القوة مع زعماء هذه القبائل، بل اللين هنا والرفق أوفق، فرفع العقوبة عنهم وألان القول لهم ووظف نفوذهم في قبائلهم لصالح الإسلام والمسلمين [2]، فعفا عن زلتهم وأحسن إليهم، فقد فعل ذلك مع قيس بن يغوث المرادي وعمرو بن معد يكرب، فقد كانا من صناديد العرب وفرسانهم وأكثرهم شجاعة، فعز على أبي بكر أن يخسرهما وحرص على أن يستخلصهما للإسلام ويستنقذهما من التردد بين الإسلام والردة، فقد قال أبو بكر لعمرو: أما تخزى أنك كل يوم مهزوم أو مأسور؟ لو نصرت هذا الدين لرفعك الله، فقال عمرو: لا جرم لأفعلن ولن أعود. فأطلقه الصديق ولم يرتد عمرو بعدها قط بل أسلم وحسن إسلامه ونصره الله، وأصبح له بلاء عظيم في الفتوحات. وندم قيس على ما فعل، فعفا عنه الصديق، وكان للعفو عن هذين البطلين من أبطال عرب اليمن آثاره العميقة والعريضة، فقد تألف به الصديق قلوب أقوام قد عادوا إلى الإسلام بعد الردة

(1) أسد الغابة: 6/ 304، 6247؛ الاستيعاب: 4/ 1758.
[2] تاريخ الدعوة إلى الإسلام: ص 256.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 233
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست