responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 315
الفرس لجموع العرب، فلما أقبلت جنود المسلمين طلب جابان من جنده مهاجمتهم، فأظهروا عدم الاكتراث بخالد والتهاون بأمره وتداعوا إلى الطعام إلا أن خالدًا لم يدعهم يهنأون بطعامهم، واقتتلوا أشد القتال، وقد زاد في كلب الأعداء وشدتهم ما يتوقعون من لحاق بهمن جاذويه بهم في مدد كبير، وصبر المسلمون على هذا القتال العنيف، وقال خالد: اللهم إن لك عليَّ إن منحتنا أكتافهم ألا أستبقي منهم أحدًا قدرنا عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم. ثم إن الله كشفهم للمسلمين ومنحهم أكتافهم، فأمر خالد مناديه فنادى في الناس: الأسر الأسر لا تقتلوا إلا من امتنع، فأقبلت الخيول بهم أفواجًا مستأسرين يساقون سوقا، وقد وكل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم، يوما وليلة وطلبوهم الغد وبعد الغد حتى انتهوا إلى النهرين، ومقدار ذلك من كل جانب أُليس فضرب أعناقهم، وقال له القعقاع وأشباه له: لو أنك قتلت أهل الأرض لم تجر دماؤهم، إن الدماء لا تزيد على أن ترقرق منذ نهيت عن السيلان ونهيت الأرض عن نشف الدماء، فأرسل عليها الماء تبر يمينك، وقد كان صد الماء عن النهر، فأعاده فجرى دمًا عبيطًا فسمي نهر الدم لذلك الشأن. (1)
ولما هُزموا وأجلوا عن عسكرهم ورجع المسلمون من طلبهم ودخلوه وقف خالد على الطعام فقال: فقد نفلتكموه فهو لكم، وقال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أتى على طعام مصنوع نفله، فقعد عليه المسلمون لعشائهم بالليل وجعل من لم ير الأرياف ولا يعرف الرقاق يقول: ما هذه الرقاق البيض؟! وجعل من قد عرفها يجيبهم ويقول لهم مازحًا: هل سمعتم برقيق العيش؟ فيقولون: نعم، فيقول: هو هذا، فسمي الرقاق، وكانت العرب تسميه القرَى. (2)
وبعد أن فرغ خالد من (أليس) نهض حتى أتى (أمغيشيا)، وقد جلا عنها أهلها وأعجلوا عما فيها وتفرقوا في السواد، فأمر بهدمها وهدم كل شيء كان في حيزها، وأصابوا بها ما لم يصيبوا مثله، فقد بلغ سهم الفارس ألفًا وخمسمائة درهم سوى أنفال أهل البلاء، ولما وصلت الأخماس وأخبار النصر إلى الصديق - رضي الله عنه - وما صنعه خالد والمسلمون قال: يا معشر قريش -يخبرهم بالذي أتاه- عَدَا أسدكم على الأسد فغلبه على خراذيله [3]، أعجزت النساء أن ينسلن مثل خالد. [4] وكان خالد قد بعث

(1) تاريخ الطبري: 4/ 173.
(2) تاريخ الطبري: 4/ 173.
[3] الخراذيل: قطع اللحم.
[4] تاريخ الطبري: 4/ 175.
نام کتاب : الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 315
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست