نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 236
الحسن: إذا رأيت الرَّجُل ينافسك في الدنيا فنافسه في الآخرة، وقال وهيب بن الورد: إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل [1]. ففي درجات الآخرة الباقية يُشرعُ التنافس وطلب العلوِّ في منازلها والحرص على ذلك بالسِّعي في أسبابه، وأن لا يقنع الإنسان منها بالدون مع قدرته على العلوِّ، ـ وأما العلوُّ الفاني، المنقطع الذي يُعقب صاحبه غداً حسرة وندامة وذلة وهواناً وصغاراً فهو الذي يُنْشَرُ الزهد فيه والإعراض عنه [2]، وهذا الفقه العظيم والفهم العميق نتعلمه من سيرة الحسن بن علي رضي الله عنه فقد ترك الملك والسلطان رغبة فيما عند الله وحقناً لدماء المسلمين، فقد تركها وهو في قوة ومنعة فقد قال: كانت جماجم العرب بيدي، يسالمون من سالمت ويحاربون من حاربت فتركتها ابتغاء وجه الله [3]. وقال في رواية أخرى: ..
ولكن خشيت أن يجئ يوم القيامة سبعون ألفاً أو ثمانون ألفاً، أو أكثر أو أقلُّ، كلهم تنضح أوداجهم دماً، كلهم يستعدي الله فيم هُرِيق دمه [4]، لقد بايع الحسن بن علي بعد وفاة علي تسعون ألفاً [5]، فزهد في الخلافة، فلم يُردها وسلّمها لمعاوية وقال: لا يهرق علي يدي محجمة دم [6]. وقال في رواية: ما أحببتَ أن ألي من أمة محمد مثقال حبة من خردل يهراق فيه محجمة من دم، قد علمت ما ينفعني ممّا يضرني، فالحقوا بطيَّتكم [7].
4 ـ إنفاقه وكرمه وجوده:
من الأخلاق القرآنية والتي تتصف بها النفوس الكريمة التي تجسدت في شخصية الحسن بن علي رضي الله عنه، خلق الكرم والجود، وكثرة الإنفاق في سبيل الله تعالى، وكان تنويه القرآن الكريم بأهل الكرم عظيماً، وقد كان هذا التنويه من أول القرآن الكريم حيث يقول سبحانه في مستهل ثاني سورة بعد البسملة: ((ألم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْب [1] المصدر نفسه صـ 72. [2] المصدر نفسه صـ 73. [3] البداية والنهاية (11/ 206). [4] تاريخ دمشق (14/ 104). [5] المصدر نفسه (14/ 98). [6] المصدر نفسه (14/ 98). [7] بطيتكم: طية الشئ ـ جهته ونواحيه، تاريخ دمشق (14/ 89).
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 236