نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 380
عمر بن الخطاب رضي الله عنه: دعنى يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق؛ قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "دعه لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه" [1]، إن قتل المنافقين واستئصالهم فيه مصلحة ظاهرة للمسلمين، وتطهير لصفهم من أن تندس إليه عناصر التخذيل والإفساد؛ لكن لما كان في ذلك هز الثقة بالمسلمين وزرع لقالة السوء عنهم بحيث ينتشر في الناس أن النبى - صلى الله عليه وسلم - يعامل الذين يعتنقون دينه بالقتل والتصفية الجسدية، فإن الأمر يتغير، وأصبح التغاضى عن قتلهم مصلحة أعلى وأولى من الصالح الأخرى التى تتأتى من استئصالهم، ورغم أن بقاء المنافقين فيه من المفاسد المحققة ما لا ينكره عاقل، إلا أن في القضاء عليهم مفسدة تفوق مفسدة بقائهم؛ لذا اقتضت حكمة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن تدفع المفسدة العظمى بالمفسدة الصغرى [2].
ومن هدى النبى -صلى الله عليه وسلم- في اعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات، ترك تجديد الكعبة على قواعد إبراهيم وهو ما ثبت من حديث أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا حداثة عهد قومك بالكفر، لنقضت الكعبة ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشًا حين بنت البعت استقصرت؛ ولجعلت لها خلفًا" [3]. لما كانت الكعبة المشرفة تمثل مهوى أفئدة المؤمنين، ومجلى تاريخ النبواب الأولى، كان الأصل أن تبقى على ما تركها عليه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، لكن قريشًا حين أرادت تجديد بنائها في الجاهلية، لم يكن معها من المال الحلال ما يكفى لإعادة البناء إلى ما كان عليه، فانتهت لها الاستطاعة إلى تشييدها على النحو الذي كانت عليه في عهد المصطفى، وقد كانت نفس النبى - صلى الله عليه وسلم - تستشرف إلى تدارك ما قصرت عنه نفقة قريش، غير أنه ترك المصلحة المحققة في إعادة بناء البيت على قواعده الأصلية التى أسسها إبراهيم عليه السلام، خشية اهتزاز حرمة البيت من النفوس، وخوف نفور الناس من الإسلام لاعتقادهم أن ذلك جرأة على الكعبة واعتداء على حرمتها [4]. [1] البخارى، التفسير، رقم (4905). [2] اعتبار المآلات، ص (138، 139). [3] البخارى، ك الحج، رقم (1585). [4] اعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات، ص (148، 149).
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 380