نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 417
وقد بين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنه ستكون خلافة نبوة ورحمة ثم يكون ملك ورحمة [1]، ويجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء وإن كانوا ملوكًا، ولم يكونوا خلفاء الأنبياء بدليل ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما عن أبى هريرة رضى- الله عنه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "كانت بنو إسرائيل يسوسمهم الأنبياء، كلما هلك نبى خلفه نبى وإنه لا نبي بعدى، وستكون خلفاء فتكثر". قالوا: فما تأمرنا؟ قال: "وفوا ببيعة الأول، فالأول، ثم أعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم" [2]، فقوله: فتكثر دليل على من سوى الراشدين فإنهم لم يكونوا كثيرًا، وأيضًا قوله: وفوا بيعة الأول فالأول دل على أنهم يختلفون؛ والراشدون لم يختلفوا، وقوله: فأعطوهم حقهم، فإن الله سائلهم عما استرعاهم دليل على مذهب أهل السنة؛ فى إعطاء الأمراء حقهم من المال والمغنم [3]، فمعاوية رضى الله عنه أفضل ملوك هذه الأمة، والذين كانوا قبله خلفاء نبوة، وأما هو فكانت خلافته ملكًا، وكان ملكه ملكًا ورحمة، وكان فى ملكه من الرحمة والحلم ونفع المسلمين، ما يعلم أنه كان خيرًا من ملك غيره [4]، ومعاوية رضى الله عنه وإن كان عالمًا ورعًا عدلاً، دون الخلفاء الأربعة فى العلم والورع والعدل، كما ترى من التفاوت بين الأولياء؛ بل الملائكة والأنبياء، فإمارته وإن كانت صحيحة بإجماع الصحابة وتسليم الحسن - رضى الله عنه- إلا أنها ليست على منهاج خلافة من قبله، فإنه توسع فى المباحات، وتحرز عنها الخلفاء الأربعة، وأما رجحان الخلفاء الأربعة فى العبادات: والمعاملات فظاهر مما لا سترة فيه [5]. وقد حدد ابن خلدون مدى التغير الذى حدث، فقرر أن الخلافة وإنما كانت تحولت إلي ملك، فإن معانى الخلافة قد بقيت -بعضها- وإنما كان التغير فى الوازع فبعد أن كان دينًا انقلب عصبية وسيفًا؛ يقصد بذلك أنه بعد أن كان الناس يتصرفون بوازع الدين، والخلافة شورى، صار الحكم مستندًا إلى العصبية والقوة، ولكن معانى الخلافة أى مقاصدها وأهدافها [1] سنن الدارمى (2/ 114)، الأشربة (الفتاوى 35/ 14). [2] البخارى، رقم (3455). [3] الفتاوى (35/ 15). [4] الفتاوى (4/ 292). [5] الناهية عن طعن أمير المؤمنين معاوية، ص (78).
نام کتاب : أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 417