responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 289
إذا لم يكن الذنب فيه حد من حدود الله تعالى، وأن يتصف بالعلم الذي يحتوي جهل الجاهلين، وأن يكون ستارًا لعيوب الناس، وأن يتسع كرمه لسد حاجة من احتاج إليه، ومما أعطى هذه الحكم وزنها الراجح أن أمير المؤمنين عليًا - رضي الله عنه - ربطها بالحياء من الله تعالى، فهذه الصفات الأربع تعتبر من صفات الكمال عند العقلاء، وكان كثير من العقلاء يتصف بها لكسب السمعة الدنيوية وسياسة الأمور بكسب الناس ورضاهم، أما أمير لمؤمنين على - رضي الله عنه - فإنه ربطها بالحياء من الله تعالى لأن هدفه الأعلى ابتغاء مرضاة الله جلا وعلا، ولا شك أن من هذا هدفه سيكون تمثيله لهذه الصفات أقوى بكثير ممن كان هدفه دنيويًا [1].

سادسًا: شدة عبوديته وصبره وإخلاصه لله تعالى:
مارس على - رضي الله عنه - مفهوم العبادة الشامل في حياته، وتميز بقيامه الليل، وأصبح من أهل التهجد الذين قال الله فيهم {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} [السجدة:16]، وقال تعالى فيهم: {آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ - كَانُوا قَلِيلاً مِّن اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ - وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذرايات: 16 - 18]، وقال تعالى فيهم: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَمًا - وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} [الفرقان: 63، 64].
وهذا ضرار بن ضميرة الكناني يصف على بن أبي طالب لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهم: كان يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، وأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه يتململ في محرابه، قابضًا لحيته، يتململ تململ السليم [2] , ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا، يا ربنا، يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: أبي تغررت أم إلىَّ تشوفت، هيهات هيهات، غُرَّي غيرى، قد بنتك [3] ثلاثا، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك يسير [4] , آه من قلة الزاد، وبعد

[1] التاريخ الإسلامي للحميدى (20/ 275).
[2] السليم: الملدوغ.
[3] بنتك: أي طلقتك.
[4] خطر بمعنى: القدر والمنزلة.
نام کتاب : أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست