نام کتاب : التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري نویسنده : ابن جني جلد : 1 صفحه : 185
وأصبح موضوع الصقيع كأنه ... على سوات النيب قطن مندف
وفيها:
تجلو عن أوجه جنَّةٍ وكشوحها ... أو عن مها بلق بجوٍّ باقِلِ
ألف " مها " واو لأنه في الأصل البلَّور، ويقال البَلّور، ثم شُبّه النجوم بها وبقر الوحش أيضا لبياضهما، ويدل على إن ألف " مها " بدل من واو إنه من معنى الماء لبياض البلُورة وصفائها، وقد قالوا: موهتَ عليّ، إذا حَسَّنَ حديثه وجعله كأن عليه ماءً، وقالوا في تكسيره: أمواه، وتحقيره: مُويه، وقالوا: ماهت الرَكيّة تموه، وقالوا: تماه، وحكي أبو زيد ماهت تميه ميهاً. وظاهر هذا إنه من الياء لا من الواو، وينبغي أن يكون بدلاً للياء من الواو لضرب من التخفيف، وأصل هذا أن يكون ماه يميه من الواو " فَعِل يَفْعِل " كحسب يحسب في الصحيح كما قال الخليل ذلك في تاه يتيه، وطاح يطيح إنهما " فَعِل يفعِلُ " من الواو، فلما جرى في الكلام ماه يميه، أشبه لفظه لفظ باع يبيع، فقال في مصدره ميهاً اتباعاً للفظ وجنوحا إلى خفة الياء، ف " المها " إذنْ مقلوب، ومثاله " فَلَعْ " من الماء. وحكى صاحب الكتاب: مًهاة ومًها لماء الفحل، وهذا أيضا عنده مقلوب لأنه من الماء ماء الفحل نفسه، وقوله عن أوجه بوجوب التخفيف يدل على إن الشعر قد يبنى على أحد الأمرين: التخفيف البتة، والتحقيق البتة، وفي هذا شاهد لإجازة ما حظره الخليل وأجازه أبو الحسن من إن يجوز: أيسيء مع يسوء قافيتين في قصيدة، ألا ترى إنه إذا بنى البيت على تحقيق الهمزة كما بناها هذا الآخر على تخفيفها البتة، صحَّ الرويان فلم يختلفا، ونظير هذا مما بُني فيه الشعر على التخفيف البتة ما أنشدناه أبو علي رحمه الله لذي الرمة " من الطويل ":
نام کتاب : التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري نویسنده : ابن جني جلد : 1 صفحه : 185