بسم الله الرحمن الرحيم الدرس الرابع (الرواية والقصة القصيرة، ودلالات التأثر والتأثير فيها)
الرواية والقصة القصيرة؛ جذورها التاريخية وسماتها الأدبية
الرواية والقصة القصيرة، ودلالات التأثير والتأثر فيها:
القصة -طويلة كانت أو قصيرة- فن من الفنون الأدبية القديمة، إذ لا أظن أن مجتمعًا بشريًّا -قديمًا أو حديثًا- يمكن أن يخلو من هذا الفن، فحُبّ القصص نزعة فطرية في النفس الإنسانية، ولعل أقدم كتابة نقدية في هذا الموضوع هي ما كتبه أرسطو في كتابه (فن الشعر) عند كلامه عن الملحمة والمسرحية، ذلك أن الملحمة والمسرحية كلتاهما فن قصصي، كل ما في الأمر أن الملحمة كانت تنظم شعرًا، وأن المسرحية تقوم على الحوار، فلا سرد فيها إلا في أضيق نطاق، وذلك حين يضع المؤلف ملاحظاته السريعة الموجزة قبل بعض المشاهد كي يهتدي بها المُخرج لدن تحويلها من عمل مكتوب إلى تمثيل حي على المسرح، فضلًا عن أن المسرحية كانت تكتب أيام أرسطو شعرًا، وإن كتبت بعد ذلك نثرًا أيضًا.
وفي كل من الملحمة والقصة والمسرحية، الحوادث والشخصيات والحوار والعقدة والحل والبناء الفني، كما أن المواصفات التي يراعيها المبدع في كل فن من هذه الفنون، لا تكاد تختلف بشكل جذري عما ينبغي مراعاته في الفنين الآخرين.
وقد قال أرسطو في كتابه (فن الشعر): " إنّ كُلّ ما يَصْدُق على المَلحمة يصدق على المأساة، اللهم في أنّ المَلحمة لا تنظم إلا في بحر واحد من بحور الشعر، كما أنها تتخذ الشكل السردي، علاوة على أن المأساة محكومة في طولها الزمني، بدورة الشمس حول الأرض مرة واحدة، أي: بأرْبع وعشرين ساعة أو أزيد قليلًا إن كانت ثمة حاجة إلى ذلك، على حين أن زمن الملحمة مفتوح.
ولأن العناصر الموجودة في الملحمة هي نفسها تقريبًا العناصر الموجودة في المسرحية؛ نجده يؤكد أن من يستطيع الحكم الفني على إحداهما يستطيع الحكم