نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 196
لها، واشترت لي راحلة، وزوّدتني. فسرت عليها إلى دمشق فوافيتها بعد اثنتي عشرة [1] ليلة، وأنخت عشيّا على باب عبد الواحد، وعقلت ناقتي، ودخلت المسجد فحططت رحلى فيه، فلما أذّن المؤذن، خرج عبد الواحد فتطوّع ثم أقيمت الصّلاة، فصلّى ثم جلس يسبّح، ثم حوّل وجهه إلى جلسائه يحدّثهم فلمح النّاقة والرّحل فقال: من هذا؟ فوثبت، وقبّلت يده، وقلت:
أنا يا سيدي عبدك ابن هرمة. فقال: أبا إسحاق، كيف خبرك؟ قلت: بشرّ خبر بعدك أيّها الأمير، تلاعبت بي المحن، وجفاني الصّديق، ونبا بي الوطن، فلم أجد معوّلا إلاّ عليك. فو الله، ما بادرني إلاّ بدموعه، ثم قال:
ويحك، بلغ بك الجهد إلى ما ذكرت؟ فقلت: إي والله أيّها الأمير، وما أخفيته أكثر. فقال: اسكن، ولا ترع. ثم نظر إلى فتية بين يديه جلوس كأنّهم الصّقور فوثبوا، ثم استدعى أحدهم، وهمس إليه بشيء، فمضى مسرعا ثم أومأ إلى الثاني فهمس إليه، ومضى، وفعل كذلك بالثالث. ثم أقبل الأوّل ومعه خادم في يده كيس، فصبّه في حجري، فقال له أبوه: كم هذا؟ فقال: ألف وسبع مئة دينار، والله، ما كان في بيت مالك غيرها. ثم أقبل الثاني وبين يديه عبد على كتفه مثل الكاره [2]، فصبّها بين يدي فإذا هو حليّ مختلع من حليّ بناته ونسائه، وقال لأبيه: والله، ما أبقيت لهما [3] حليّا غير ما ترى. وأقبل الثالث ومعه غلامان معهما كارتان من فاخر ثيابه، فوضع ذلك بين يدي، ثم قال: يا ابن هرمة، أنا أعتذر إليك من قلّة ما حبوتك به، مع بعد هذه الشّقّة، وطول العهد، وسعة الأمل، ولكنّك جئتنا في آخر السّنة، وقد تقسّمت أموالنا الحقوق، ونسفتها [4] أيدي المؤمّلين، فلن يبقى [1] في الأصل: اثني عشر. [2] الكارة: ما يحمل على الظهر من الثياب، تكور في ثوب واحد. متن اللغة. (كور). [3] كذا في الأصل، والصواب: لهنّ. [4] في الفرج بعد الشدة: ونهبتنا. . . فلم يبق.
نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 196