نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 205
لا بدّ من ذلك. فقال: والله، ما أنا ممّن يصون ماله بعرضه ونفسه. فأمر به إلى الحبس وثقّله بالحديد، وضيّق عليه في محبسه، فأقام في ذلك حتى أجهده الأمر وبلغ منه الضّرّ [1].
واتّصل خبره بابنة عمّه فدعت مولدة [2] لها ذات عقل وأدب وقالت لها:
امضي إلى باب الأمير، وقولي للحاجب: عندي نصيحة للأمير تسرّه. وإذا سألك عنها فقولي: ما أخبر بها إلاّ الأمير. فإذا دخلت إليه فقولي: هذا جزاء جابر عثرات الكرام منك؟ فبئس ما جزيته وكافيته بالحبس والضّيق والحديد.
قال: فلمّا فعلت ذلك وقصّت عليه القصّة، فلمّا سمع ذلك قال:
وا سوأتاه، وكأنّه هو [3]؟ قالت: إي والله. فأمر من وقته بدابّته فأسرجت، وبعث إلى وجوه أهل البلد فجمعهم، وأتى بهم إلى باب السّجن، ففتح ودخل عليه هو ومن معه، وإذا بعكرمة في قاع السّجن متغيّرا، وقد أضناه الضّرّ. فلمّا نظر إليه عكرمة وإلى الناس معه احتشمه، ونكس رأسه، وجعل يبكي. وأقبل خزيمة على رجليه يقبّلها [4]، وهو يبكي، وأقبل يقول:
وا سوأتاه من الله ومن الناس. فقال عكرمة: وما سبب هذا منك؟ قال خزيمة:
كريم فعلك، وسوء مكافأتي. فقال عكرمة: يغفر الله لنا ولك. ثم أمر الحدّاد ففكّ القيد من رجله، وأخذ خزيمة يضع القيد في رجله، فقال عكرمة: أقسم بالله لا تفعل. فخرجا جميعا إلى دار خزيمة، فودّعه عكرمة وأراد الانصراف فلم يفعل خزيمة. وأمر بالحمّام فأخليت، ودخلا جميعا وخرجا، فخلع عليه وحمله إلى منزله، وحمل إليه مالا كثيرا، ثم سار معه إلى داره، واستأذنه في الاعتذار من ابنة عمّه، واعتذر إليها وتذمّم من ذلك، [1] في المستجاد: فأضناه ذلك وأضرّ به. [2] في المستجاد: مولاة. [3] كذا في الأصل، وفي المستجاد: وإنّه لهو؟ [4] في المستجاد: أكب على رأسه فقبّله.
نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 205