نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 239
كأنّها للمنايا والرّدى رصد … تظلّ فيها بنات الدّهر تنتضل (1)
يديره ما أدارته دوائرها … منها المصيب ومنها المخطئ الزّلل
والمرؤ يسعى وما يسعى لوارثه [2] … والقبر وارث ما يسعى به الرّجل
قال: فرأيت وجهه قد تغيّر، وقال: هكذا الدّنيا. ومرض المنصور ثم برئ، وإذا هاتف يهتف جوف الليل:
أتطمع أن تبقى وتترك سالما … وهيهات ما للمرء في ذاك مطمع
ألم تر عادا كيف أضحت ديارها … ومن بعد عاد كيف دمّر تبّع
627 - وقيل: لبس سليمان بن عبد الملك في يوم جمعة من ولايته لباسا تشهّر به [3]، وتعطّر، ودعا بتخت [4] فيه عمائم، وبيده مرآة فلم يزل يتعمّم بواحدة بعد أخرى حتى رضي بواحدة منها، وأرخى سدولها، وأخذ بيده مخصرة، وعلا منبره [5] ناظرا في عطفيه، وجمع حشمه، وخطب خطبته التي أرادها، فأعجبته نفسه، وقال: أنا الملك الوهّاب الكريم المجاب [6].
فتمثّلت له جارية من جواريه، وكان يتحظّاها، فقال لها: كيف ترين أمير المؤمنين؟ قال: أراه منى النّفس، وقرّة العين لولا ما قال الشّاعر. قال:
وما قال؟ قالت: قال ([7]):
أنت نعم البقاء لو كنت تبقى [8] … غير أن لا بقاء للإنسان
(1) في تاريخ بغداد، ومروج الذهب: كأنه للمنايا والردى غرض. وتنتضل: تتبارى في الرمي. انظر القاموس (نضل). [2] في تاريخ بغداد (بما) وفي مروج الذهب (لما يسعى).
627 - مروج الذهب 4/ 8 (2157)، والهفوات النادرة 36. ومختصر تاريخ دمشق 10/ 175. [3] في مروج الذهب: لباسا تستريّا. [4] التّخت: وعاء يصان فيه الثياب. القاموس (تخت). [5] في الأصل: متنزها. والمثبت من مروج الذهب. [6] في الأصل: الحجاب. وفي مروج الذهب: أنا الملك الشاب، السيد المجاب، الكريم الوهاب. [7] البيتان لموسى شهوات، وهما في الأغاني 3/ 360. [8] في مختصر تاريخ دمشق: أنت نعم المتاع.
نام کتاب : أنس المسجون وراحة المحزون نویسنده : الحلبي، صفي الدين جلد : 1 صفحه : 239