نام کتاب : أمالي نویسنده : ابن الشجري جلد : 0 صفحه : 84
وقال الشيخ عبد القاهر [1] عن الحذف: هو باب دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به ترك الذكر أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتمّ ما تكون بيانا إذا لم تبن، وهذه جملة قد تنكرها حتى تخبر، وتدفعها حتى تنظر، وأنا أكتب لك بديئا أمثلة مما عرض فيه الحذف، ثم أنبهك على صحة ما أشرت إليه، وأقيم الحجة من ذلك عليه.
وقال أيضا فيما نقل عنه الزركشى [2]: ما من اسم حذف فى الحالة التى ينبغى أن يحذف فيها إلا وحذفه أحسن من ذكره، ولله درّ القائل:
إذا نطقت جاءت بكل مليحة … وإن سكتت جاءت بكل مليح
63 - وقال العز بن عبد السلام [3]: والعرب لا يحذفون ما لا دلالة عليه ولا وصلة إليه، لأن حذف ما لا دلالة عليه مناف لغرض وضع الكلام من الإفادة والإفهام، وفائدة الحذف تقليل الكلام، وتقريب معانيه إلى الأفهام.
وقال حازم القرطاجنّى، فيما حكى عنه الزركشى [4]: إنما يحسن الحذف ما لم يشكل به المعنى، لقوة الدلالة عليه، أو يقصد به تعديد أشياء، فيكون فى تعدادها طول وسآمة، فيحذف ويكتفى بدلالة الحال عليه، وتترك النفس تجول فى الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها على الحال.
وقد تنازع مبحث الحذف علماء إعجاز القرآن، والبلاغة والنحو، لكن علماء الإعجاز والبلاغة عالجوا الحذف فى أبواب خاصة أفردوها له ووقفوها عليه، ثم تكلموا عليه مرّة واحدة، وخلطوا مباحث البيان بمباحث النحو، أما النحويون فقد [1] دلائل الإعجاز ص 146. [2] البرهان 3/ 105. [3] الإشارة إلى الإيجاز فى بعض أنواع المجاز ص 5. [4] الموضع السابق من البرهان، وقد حكى الزركشى كلام حازم هذا من كتابه «منهاج البلغاء» ولم أجده فى المطبوع منه، ووضعه محققه فى ملحق الكتاب ص 391، نقلا عن البرهان.
نام کتاب : أمالي نویسنده : ابن الشجري جلد : 0 صفحه : 84