حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الملكِ بنِ قُريبٍ الأَصمعيُّ قالَ: حدثنا أبي، عن أبي مَعشرٍ، عن سعيدٍ المَقبريِّ، / عن أبي هريرةَ قالَ:
قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «السُّرعةُ في المشيِ تُذهِبُ بهاءَ المؤمنِ» [1].
يُشيرُ صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ المشيَ بالسَّكينةِ والوَقارِ فيه بَهاءُ المؤمنِ، وقَد جاءَ في تفسيرِ قولِ اللهِ تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: 63] أي بالسَّكينةِ والوَقارِ، وكانَ مَشيُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَسطاً بينَ التأنِّي والإسراعِ [2]. [1] أخرجه أبو نعيم في «الحلية» (10/ 290)، والخطيب (1/ 417)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1178)، وأبو سعد الماليني في «الأربعين» (5) من طريق محمد بن يعقوب الفرجي به.
وقال الألباني في «الضعيفة» (55) بعد أن ذكر بقية طرقه: منكر جداً. [2] لم أجد حديثاً بهذا اللفظ أو قريباً منه. والأحاديث الواردة في هذا الباب تشير إلى أن مشي النبي صلى الله عليه وسلم هو إلى السرعة أقرب، والله اعلم.
وقال الألباني بعد بيانه لضعف طرق الحديث السابق: ويكفي في رد هذا الحديث أنه مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم في مشيه، فقد كان صلى الله عليه وسلم سريع المشي كما ثبت ذلك عنه في غير ما حديث، وروى ابن سعد في «الطبقات» عن الشفاء بنت عبد الله أم سليمان قالت: كان عمر إذا مشى أسرع.
ولعل هذا الحديث من افتراء بعض المتزهدين الذين يرون أن الكمال أن يمشي المسلم متباطئاً متماوتاً كأن به مرضاً! وهذه الصفة ليست مرادة قطعاً بقوله تعالى:
{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا}.
قال الحافظ ابن كثير في تفسيرها: «هوناً» أي بسكينة ووقار من غير جبرية ولا استكبار، كقوله تعالى: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}، فأما هؤلاء فإنهم يمشون بغير استكبار ولا مرح ولا أشر ولا بطر.
وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعاً ورياء، فقد كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام إذا مشى كأنما ينحط من صبب وكأنما تطوى الأرض له، وقد كره بعض السلف المشي بتضعف، حتى روى عن عمر أنه رأى شاباً يمشي رويداً، فقال: ما بالك أأنت مريض؟ قال: لا يا أمير المؤمنين، فعلاه بالدرة وأمره أن يمشي بقوة، وإنما المراد بالهو ن هنا: السكينة والوقار. اه.