نام کتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه نویسنده : أحمد إبراهيم حسن الحسنات جلد : 1 صفحه : 11
ولم يقف الحدُّ عند تآمر الأمراء على سلاطينهم، بل وجدتُ أنّ أبناء قلاوون أنفسهم يتآمرون على بعضهم ويَقتُل بعضهم بعضاً، فقد وجدت الملك الصالح إسماعيل [1] يأمر بحصار أخيه أحمد [2] في قلعة الكرك ورميه بالمنجنيق، وذلك خَشيةً من محاولته العودة إلى السلطنة، حيث وقعت عدّة معارك بين العسكر المصري وبين أهل الكرك، وفيها قُتِل عدد كبير من الطرفين، واستمر حصار الكرك مدة سنتين انتهت بدخول الكرك ومن ثَمّ قلعتها حيث قُبِض على السلطان أحمد وقُتِل وحُمِل رأسه إلى أخيه الملك الصالح فقابله بأشدّ الفرح ولا حول ولا قوّة إلا بالله [3].
ولم يكن حال السلاطين أنفسهم بأفضل من مماليكهم، فقد عمَّ الفسق والفجور والظلم عند هؤلاء السلاطين، وفشى فيهم معاقرة الخمور وغشيان المنكرات وأكل أموال الناس بالباطل، حتى قال ابن شهبة في وصف خلاعة ومجون السلاطين وخاصة الملك المنصور سيف الدين أبو بكر [4] أنّه كان يتعاطى شرب الخمر: ((وغشيان المنكرات وتفريق الأموال على أهل الطرب، والتعاطي بما لا يليق به، ومعاشرة الخاصكية من المردان وغيرهم)) [5].
هكذا كان حال هؤلاء السلاطين، وحَريٌّ بأمّة هكذا سلاطينها أن يذيقها الله تعالى وَبالَ أمرها، وما الفتن الداخلية والاضطرابات الكثيرة وعزل السلاطين ومقتلهم إلا نكالاً من الله تعالى بهم لفسقهم وتعدِّيهم على حرمات الله [6]. [1] هو السلطان الصالح عماد الدين أبو الفداء اسماعيل بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، كان ملكا جليلا مهيبا عفيفا مزيلا للمظالم التي يصل أمرها إليه محبا للإعمار، متمسكا بالأحكام الشرعية، توفي سنة 746هـ، ابن حبيب، تذكرة النبيه (3/ 79) [2] هو السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، كان ملكا مهيبا شجاعا سخيا حسن المنظر، حكم مدة ثم اعتزل في قلعة الكرك وبقي فيها إلى أن قبض عليه وقتل سنة 745هـ، ابن حبيب، تذكرة النبيه (3/ 65) [3] انظر تفاصيل هذه الحملة في: ابن كثير، البداية والنهاية (14/ 628، 630، 632 - 637)، ابن شهبة، تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 304، 307، 409)، السخاوي، وجيز الكلام (1/ 65) [4] هو الملك المنصور سيف الدين أبو بكر بن السلطان محمد بن قلاوون، كان شاب أسمر حلو الصورة سخياً إلى الغاية، خلع على يد خواص أمرائه ثم قتلوه سنة 742هـ، ابن حبيب، تذكرة النبيه (3/ 24) [5] ابن شهبة، تاريخ ابن قاضي شهبة (2/ 204) [6] هذه هي حالهم إلا أنهم لم يكونوا يعادون الإسلام ولا العلماء ولا الدعاة بل وجدناهم إذا هدد العالم الإسلامي خطر كانوا يكونون على رأس المدافعين عنه، ومع فسقهم وتعديهم على حرمات الله إلا أنهم كانوا يمتازون بالنخوة ولا يسكتون على ظلم أو عدوان يقع على شعوبهم فافهم ذلك
نام کتاب : منهج الإمام تاج الدين السبكي في أصول الفقه نویسنده : أحمد إبراهيم حسن الحسنات جلد : 1 صفحه : 11