والذي ظهر لنا أن الشوشاوي أشعري في العقيدة، وقد لمسنا هذا منه من خلال موقفه في بعض المسائل المتعلقة بالعقيدة، ونكتفي بذكر بعض نماذج لهذه المسائل؛ فهي كافية لبيان مذهبه:
النموذج الأول: ذكرالشوشاوي تعريف الحكم الشرعي بأنه: خطاب الله تعالى القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير.
ثم ذكر من محترزات التعريف (خطاب الله تعالى القديم) احترازًا من خطاب الله تعالى الحادث، وذلك أن كلام الله تعالى يقال للمعنى القائم بذات الله تعالى، ويقال أيضًا للفظ الدال على المعنى القائم بذات الله تعالى.
وهذا التقسيم الذي ذكره الشوشاوي إنما هو على مذهب الأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله حقيقة في النفساني مجاز في اللساني، ويترتب على مذهبهم هذا أن الآيات ليست كلام الله، بل هي عبارة عن كلام الله أي: هي اللفظ الدال على المعنى القائم بذات الله.
يقول الشوشاوي: وإنما قلنا في الآيات القرآنية المعبر بها عن الأحكام الشرعية: حادثة؛ لأنها صفات المخلوقات؛ لأنها تكلم بها جبريل عليه السلام، ثم النبي عليه السلام، ثم حملة القرآن، فهي حادثة؛ لأن كلام الحادث حادث، وأما المعنى القائم بالنفس فهو قديم؛ لأنه صفة القديم جل وعلا، فتبين بما قررناه أن كلام الله تعالى يقال على الشيئين وهما الدليل ومدلوله، أحدهما قديم وهو المدلول، والآخر حادث وهو الدال [1].
النموذج الثاني: مذهب الأشاعرة في الصفات: تأويل بعض الصفات [1] انظر: (1/ 634 - 635) من هذا الكتاب.