responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الغيث الهامع شرح جمع الجوامع نویسنده : العراقي، ولي الدين أبي زرعة    جلد : 1  صفحه : 736
إِنَّمَا يمتَنِعُ فِي الصّفَاتِ الحقيقيَّةِ دُونَ الإِضَافةِ، وَالتغيُّرُ فِي الإِضَافَاتِ لاَ يُوجِبُ تغيُّرًا فِي الذَّاتِ، ومثَّلَ بعضُهم هذَا بأَسطوَانةٍ مُثَبَّتَةٍ فِي مكَانٍ قَامَ إِنسَانٌ عَن يمينِهَا فَقُلْنَا: الأَسطونةُ عَن يسَارِه، ثُمَّ تحوَّلَ إِلَى جَانبٍ آخَرَ فَقُلْنَا: صَارَتْ عَن يمينِه، ثُمَّ تحولَّ إِلَى غيرِهَا فنقولُ: صَارَتْ أَمَامَه أَو ورَاءَه، فَالأَسطوَانةُ لَمْ تتغيَّرْ وإِنَّمَا المُتَغَيِّرُ المُنْتَقِلُ، وَصَدَقَتْ هذه العبَارةُ عَلَيْهَا للإِضَافةِ، فكذَا إِذَا قُلْنَا: اللَّهُ تعَالَى عَالِمٌ الآنَ بمَا نَحْنُ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ سبحَانَه وتعَالَى عَالمًا بمَا كنَّا أَمسِ عَلَيْهِ، وسيكونُ عَالمًا بمَا نكونُ عَلَيْهِ غدًا، فَالتغيُّر جَارٍ علَى أَحوَالِنَا، وَالربُّ سبحَانَه وتعَالَى أَمسِ وَاليومِ وغدًا فِي معنَى كَوْنِه عَالمًا فِي جَمِيعِ الأَحوَالِ علَى حدٍّ وَاحدٍ.
ص: وقُدْرَتُه لكلِ مَقْدُورٍ.
ش: أَي: وَقُدْرَتُهُ شَامِلَةٌ لكلِّ مَقْدُورٍ مِنَ الجوَاهرِ وَالأَعرَاضِ، وَالمُرَادُ بِالمَقْدُورِ المُمْكِنِ، أَمَّا المُسْتَحِيلَاتُ فَلِعَدَمِ قَابليَّتِهَا للوجودِ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لتعلُّقِ الإِرَادةِ، لاَ لنقصٍ فِي القدرةٍ، ولم يخَالِفْ فِي ذَلِكَ إِلا ابْنُ حَزْمٍ فقَال فِي (المِلَلِ وَالنَّحَلْ) إِنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ قَادرٌ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا؛ إِذ لو لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ لكَانَ عَاجزًا.
وردَّ ذَلِكَ بأَنَّ اتخَاذَهُ الولدَ مُحَالٌ، وَالمُحَالُ لاَ يدخُلُ تحتَ القُدْرَةِ، وعَدَمُ القُدْرَةِ علَى الشّيءِ، قَد تكونُ لِقُصُورِهَا عَنْهُ، وَقَدْ تكونُ لِعَدَمِ قبولِه لتأَثيرِهَا فِيهِ لِعَدَمِ إِمكَانِه بوُجُوبٍ أَو امتنَاعٍ، وَالعجزُ هو الأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي.
وذَكَرَ الأَستَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الإِسفرَايينيُّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ ذَلِكَ إِدريسُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، حَيْثُ جَاءَه إِبليسُ فِي صُورَةِ إِنسَانٍ وهو يَخِيطُ ويقولُ فِي كلِّ دَخْلَةٍ وَخَرْجَةٍ: سبحَانَ اللَّهِ وَالحمدُ لِلَّه، فجَاءَهُ بِقَشْرَةٍ، فقَالَ: اللَّهُ تعَالَى يقدرَّ أَنْ يجعلَ الدّنيَا فِي هذه القِشْرَةِ؟ فقَالَ: اللَّهُ سبحَانَه وتعَالَى قَادِرٌ أَنْ يَجْعَلَ هذه الدّنيَا فِي سَمِّ هذه الإِبرةِ، ونَخَسَ/ (228/ب/م) بِالإِبرةِ إِحدَى عينيه فصَارَ أَعورَ.

نام کتاب : الغيث الهامع شرح جمع الجوامع نویسنده : العراقي، ولي الدين أبي زرعة    جلد : 1  صفحه : 736
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست