وقد سقت كلامه كاملا ليتبين مراده وأنه يحذر من البدع التي تتهم الشريعة بالنقصان، وأنه لا يقصد إثبات الابتداع المذموم بل كلامه يدور حول المصالح الملحقة بالشرع بالاستحسان بشروطه سالفة الذكر، أو يقصد البدع اللغوية والتي لها أصل في الشريعة، وهذا واضح من الأمثلة التي ذكرها كصلاة التراويح والقصص كما أن ظاهر كلامه البعد عن اعتبار هذه المحدثات وإن كانت غير مخالفة للشريعة وجائزة حفظا للأصل وهو الإتباع.
وليت من ينسبون له قولهم أن يسيروا على نهجه ويَحذرون مما حذر.
4 - ابن حزم:
قال ابن حزم في "الإحكام" ([1]/ 47): (البدعة كل ما قيل أو فعل مما ليس له أصل فيما نسب إليه صلى الله عليه وسلم وهو في الدين كل ما لم يأت في القرآن ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن منها ما يؤجر عليه صاحبه ويغدر بما قصد إليه من الخير ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ويكون حسنا وهو ما كان أصله الإباحة كما روي عن عمر رضي الله عنه نعمت البدعة هذه وهو ما كان فعل خير جاء النص بعموم استحبابه وإن لم يقرر عمله في النص ومنها ما يكون مذموما ولا يعذر صاحبه وهو ما قامت به الحجة على فساده فتمادى عليه القائل به).
وكلامه لا يخرج عما سبق، وبنحو ما سبق نسبوا قولهم لجماعة من العلماء منهم: الغزالي، وابن العربي، وابن الأثير، وأبي شامة، والنووي، والعيني، والكرماني، والزرقاني.
ولا داعي للتطويل بذكر كلامهم فهو يدور في الجملة حول نفس الكلام السابق.
المبحث الثاني - أدلتهم لإثبات البدعة الحسنة ([1]):
تمهيد:
قال الغماري في "إتقان الصنعة" (ص/13): (العلماء متفقون على أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل بدعة ضلالة" عام مخصوص. ولم يشذ عن هذا الاتفاق إلا الشاطبي [1] وقد صدر حديثا كتاب: "هَدْم أُصول أهل البدع-فَضْح أكاذيب وجهالات الغماري" للشيخ عبد الله رمضان موسى ولا تطوله يدي الآن.