قال الشوكاني في "القول المفيد" (ص/31): "ولا يخفى عليك أن فعل معاذ هذا إنما صار سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بمجرد فعله فهو إنما كان السبب بثبوت السنة ولم تكن تلك سنة إلا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا واضح لا يخفى).
الرابع – ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أنكر على بعض الصحابة رضي الله عنهم أمورا اجتهدوا فيها وما أرادوا بها إلا وجه الله والدار الآخرة، ومن ذلك:
أ- إنكاره على الثلاثة الذين تقالوا عبادته، وقال: "من رغب عن سنتي فليس مني".
ب- ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين، فقال: «ما هذا الحبل؟» قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد».
ج- ما رواه البخاري عن ابن عباس، قال: بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذا هو برجل قائم، فسأل عنه فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مره فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه».
د- ما رواه أحمد وابن ماجه وغيرهما بسند جوده الأرناؤوط عن عبد الله بن أبي أوفى قال: قدم معاذ اليمن، أو قال: الشام، فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فروى في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم، فلما قدم، قال: يا رسول الله، رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها، فروأت في نفسي أنك أحق أن تعظم، فقال: «لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ... " الحديث.
هـ - ما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس، سمع عمر رضي الله عنه، يقول على المنبر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله، ورسوله».
و- ما رواه الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رهبة ورغبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول " فقلت أستذكرهن: وبرسولك الذي أرسلت. قال: لا، «وبنبيك الذي أرسلت».