الصورة الأولى: تخصيص العبادة المحضة، أو تقييدها بمكان أو زمان أو حال أو صفة؛ سواء كان ذلك باعتقاد المشروعية على الوجه الخاص أو المقيد، أو أن يقع هذا التخصيص أو التقييد بمحض العادة، ومطلق المداومة.
والصورة الثانية: تخصيص العادات بمحدودات من مكان أو زمان أو حال أو صفة لا يُعقل لهذه المحدودات معنى على التفصيل؛ ولو لم يُرد بها القربة لله أو للبشر؛ كضرب المكوس والوظائف على الدوام، وتنكيس العلم أو الصمت حداداً، وزيارة نصب الجندي المجهول، والأعياد القومية).
والصورة الأولى تدخل في البدعة الإضافية، وأما الثانية فهي محل الخلاف وسيأتي الكلام عليها.
وقد ناقش الشيخ الغامدي اعتراضات د. عزت على عطية [1] على قيد المضاهاة عند الشاطبي ثم قال معمماً لمعنى المضاهاة: [ولا يشترط أن تكون المضاهاة خاصة بالإلزام أو التشريع الزائد فقط، بل وتكون مع ذلك بالتخصيص الزماني أو المكاني، والتخصيص بالهيئة والطريقة ونحو ذلك من أنواع التخصص الذي لا يكون إلا من قبل الشرع، وتكون بالاعتماد على شُبَهِ الأدلة الشرعية، وتكون المضاهاة كذلك بقصد القربة بالعمل المبتدع، وهذا أوسع أبواب المضاهاة، فإن المبتدع إنما يريد ببدعته القرب إلى الله والتعبد بهذا العمل المحدث، فهو يضاهي بقصده هذا وإرادته العمل المشروع] [2].
وقول الشيخ الغامدي: (ولا يشترط أن تكون المضاهاة خاصة بالإلزام أو التشريع الزائد فقط) موافقة منه للشاطبي في تفسير المضاهاة بذلك وإدخاله في معنى البدعة، ... وقوله: (وتكون المضاهاة كذلك بقصد القربة بالعمل المبتدع) صريح في أنه لا يشترط قصد القربة في المعاني الأُول التي ذكرها لمعنى المضاهاة، ومن المعلوم أنه لابد من قصد القربة للحكم على العمل بالبدعية.
وعليه فلابد من تعميم قيد المضاهاة عند الشاطبي على معنى القربة. كما هو معلوم بالاضطرار من معنى البدعة الشرعية أنه لابد من شائبة التعبد والتقرب فيها، ولكن هذا التعميم في الحقيقة يعود على هذا القيد بالبطلان، ويجعله قيداً زائداً يمكن الاستغناء عنه [1] في كتابة البدعة: تحديدها، موقف الإسلام منها. وكتابه رسالة دكتوراه تقدم بها لجامعة الأزهر، وسار فيها على القول بتحسين بعض البدع. [2] الغامدي (1/ 260) 0