خليفة راشد، لا يخص الشيخين، ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حجة] [1].
وقول الصنعاني: (فإن الحديث عام لكل خليفة راشد، لا يخص الشيخين) يرده ما سيأتي من أدلة عند الكلام على تعيين الخلفاء الراشدين.
وقوله: (ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -) استدلال بمحل النزاع، وتخصيص لعموم الحديث بلا مخصص.
وقوله: (على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حجة) سيأتي مناقشته عند الكلام على القول الثالث - إن شاء الله -.
(القول الثالث: أن قول أحد الخلفاء الراشدين ليس بحجة في ذاته حتى يجتمع على قوله الصحابة، وينبغي التنبه إلى ما قد يخالف فيه أحدهم كما خالف عمر رضي الله عنه في منع متعة الحج، وكما خالف عثمان رضي الله عنه في الإتمام وهو في منى. وأما فعل أحدهم الذي وافقه عليه جميعهم فلا شك أنه حجة وهو الذي أمرنا بالأخذ به وهو ما يسمى فهم السلف أو الإجماع، كقتال المرتدين وجمع المصحف وما شابه [2].
وعند التحقيق نجد أن محصلة هذا القول تعود على معنى الحديث بالإبطال؛ فإن عاد الأمر إلى إجماع الصحابة فما هو المعنى الذي أضافه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (وسنة الخلفاء الراشدين المهديين) بل لازم هذا القول تعدي الأمر إلى عصر معاوية - رضي الله عنه - والذي سماه النبي ملكاً، وليس خلافة على منهاج النبوة؛ وعليه فلازم هذا القول تعطيل معنى الحديث، وتخصيصه بلا مخصص. والصحيح أن الحديث له معنى زائد، ووصية من النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتمسك بهدي وسنة من وصفهم بالخلفاء الراشدين. [1] تحفة الأحوذي (3/ 40). [2] نقلا عن مقال على موقع ملتقى أهل الحديث.