4 - وعليه فظاهر هذا الحديث يدل على هذا القول، ولا يعدل عن هذا الظاهر إلا بدليل، ولا دليل.
5 - وبالنظر إلى حقيقة الأمر نجد أن سنة الخلفاء الراشدين، وما فعلوه من وجوه الاجتهاد فيما استجد لهم من أمور بعد موته - صلى الله عليه وسلم - راجع إلى القواعد العامة في الشريعة، وإلى المصالح المرسلة، وحفظ الضروريات.
(وبقي القول باشتراط عدم مخالفة سنة الخلفاء لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكل ما خالف القرآن، وصحيح السنة فهو رد على صاحبه كائناً من كان، ويكون هذا الرد من باب الترجيح بين الأدلة، ولا يلجأ إلى هذا الرد إلا بعد تعذر الجمع.
وعلى كل حال فهذا الحديث بين أن سنة الخلفاء متبعة، فما استند إليها استند إلى أصل، ولم يلحق بالبدعة المذمومة، وإن سمّي بدعة لغوية.
فرع: تعيين الخلفاء الراشدين المهديين:
روى أحمد عن النعمان بن بشير قال: كنا قعودا في المسجد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان بشير رجلا يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد أتحفظ حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت) قال حبيب فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين يعنى عمر بعد الملك العاض والجبرية فادخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه. (1)
(1) رواه أحمد، وقال الأرناوؤط: إسناده حسن، وصححه الألباني في الصحيحة (5)، وقال هناك (1/ 9): (ومن البعيد عندي حمل الحديث على عمر بن عبد العزيز، لأن خلافته كانت قريبة العهد بالخلافة الراشدة ولم تكن بعد ملكين: ملك عاض، وملك جبرية، والله أعلم).