نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 173
وقد لاحظ ابن القيم هذه العلاقة التي بين عصر الصحابة وبين الاتجاهات التي ظهرت فيما تلاه من عصور، وضرب لذلك مثلاً باجتهاد الصحابة عِنْدَمَا أَمَرَهُمْ الرَّسُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الأَحْزَابِ بِأَنْ يُصَلُّوا العَصْرَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، «فَاجْتَهَدَ بَعْضُهُمْ وَصَلَّاهَا فِي الطَّرِيقِ، وَقَالَ: لَمْ يُرِدْ مِنَّا التَّأْخِيرَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ سُرْعَةَ النُّهُوضِ، فَنَظَرُوا إلَى الْمَعْنَى، وَاجْتَهَدَ آخَرُونَ وَأَخَّرُوهَا إلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَصَلَّوْهَا لَيْلًا، نَظَرُوا إلَى اللَّفْظِ، وَهَؤُلَاءِ سَلَفُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، [وَهَؤُلَاءِ] سَلَفُ أَصْحَابِ الْمَعَانِي وَالْقِيَاسِ» [1].
فمن مسائل الميراث التي مال فيها ابن عباس إلى ظاهر اللفظ:
1 - أنه ذهب إلى أن الاثنين من الإخوة أو الأخوات لا يحجبان الأم من الثلث إلى السدس، واشترط لتأثيرهم في نصيبها أن يكونوا ثلاثة فصاعدًا، تمسكًا بظاهر اللفظ في قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11].
وقد روى ابن حزم بسنده أَنَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ لَهُ: «إنَّ الأَخَوَيْنِ لا يَرُدَّانِ الأُمَّ إلَى السُّدُسِ، إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [النساء: 11] وَالأَخَوَانِ فِي لِسَانِ قَوْمِك لَيْسُوا بِإِخْوَةٍ؟». فَقَالَ عُثْمَانُ: «لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْقُضَ أَمْرًا كَانَ قَبْلِي، تَوَارَثَهُ النَّاسُ وَمَضَى فِي الأَمْصَارِ» [2] وإلى هذا ذهب ابن حزم.
وجمهور الصحابة - كما أشار سيدنا عثمان في مناظرته لابن عباس - على أن الاثنين لهما حكم الجمع في الميراث، فيدخلان في لفظ (الإِخْوَةِ)، فإن قاعدة الفرائض المستنبطة من آيات المواريث - أن كل حكم اختص به الجماعة عن الواحد فإن الاثنين يشتركان فيه، فالإخوة لأم مثلاً: بين الله سبحانه نصيب
(1) " إعلام الموقعين " مع " حادي الأرواح ": 2/ 244، 245. [2] انظر " المحلى " لابن حزم: 9/ 258 و 260، وانظر احتجاج ابن القيم لرأي الجمهور في " إعلام الموقعين ": 2/ 53، 55، وانظر في الاختلاف في أقل الجمع: " الإحكام " لابن حزم: 4/ 1، 8.
نام کتاب : الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري نویسنده : عبد المجيد محمود جلد : 1 صفحه : 173