responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 158

سكت قليلا، ثم قال[1]: من أوهامي المرتبطة بنقض أدلة المؤمنين دعواي أن [البحث عن علة للوجود المادي يدفع بنا إلى أن نبحث عن علة لله نفسه].. وهذا من جهلي بالتفريق بين الأسباب الناقصة والأسباب التامة، أو بين الأسباب الوسائطية والأسباب النهائية.

فالدواء سبب في الشفاء، لكن الدواء نفسه مسبب، وسببه هو الصيدلي الذي أعده في صيدليته، والصيدلي نفسه لم يأت بذلك من نفسه، بل إن السبب في إعداده الدواء هو الطبيب الذي أرسل إليه ورقة فيها تحديد الدواء المطلوب لهذا المريض، ثم إن الطبيب نفسه مدين بعلمه ذلك لمن علمه، فهو السبب في أن الطبيب عرف المرض ووصف الدواء.. وهكذا تسير سلسلة الأسباب والمسببات، وكلها تترقى من مستوى إلى مستوى، لكنها جميعها مشتركة في أنها أسباب ناقصة، أي أنها في حاجة إلى من يقف وراءها، مثل الدواء، فإنه سبب محتاج إلى الصيدلي، والصيدلي سبب لكنه محتاج إلى الطيب وهكذا.

ولا نجد في هذه السلسلة جميعا سببا كافيا مكتفيا بنفسه، بل كلها معلولات لما قبلها، وذلك هو معنى كونها أسبابا وسائط.. وهذا النقص يصل بنا إلى السبب التام، والفاعل الكامل، الذي هو وراء كل شيء يجري في هذا الوجود، خالق الكل، ومدبر الكل، ومقدر الكل، والذي بيده كل شيء.. من يحتاج إليه الكل، وهو غني عن الكل.

سكت قليلا، ثم قال: تلك بعض أوهامي حول الألوهية.. أما أوهامي المرتبطة بعلاقة الإنسان بالعالم الخارجي، وأن الناس يعيشون داخل ذواتهم، وأن صلاتهم بالعالم الخارجي مقطوعة، وأن كل ما يعرفه الإنسان عن العالم الخارجي إنما هو أوهام من صنع نفسه، ولا صله لها بالواقع.. فكل ذلك تدلس ومغالطات.

فالعالم الذي نعيشه حقيقة واقعة، ونحن نتعامل مع قوانينه ومعطياته في كل لحظة من


[1] انظر: مذاهب فكرية معاصرة، عرض ونقد -، للدكتور: محمود مزروعة، ص 169-185.

نام کتاب : ما قاله الملاحدة.. ولم يسجله التاريخ نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست